549
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

عَنْهَا نُفُوسُ آخَرِينَ ؛ وَالْحَكَمُ اللّهُ ، وَالْمَعْوَدُ إِلَيْهِ الْقِيَامَةُ .

وَدَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ فِي حَجَرَاتِهِوَلكِنْ حَدِيثاً مَا حَدِيثُ الرَّوَاحِلِ
وَهَلُمَّ الْخَطْبَ فِي ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، فَلَقَدْ أَضْحَكَنِي الدَّهْرُ بَعْدَ إِبْكَائِهِ؛ وَلاَ غَرْوَ وَاللّهِ ، فَيَالَهُ خَطْباً يَسْتَفْرِغُ الْعَجَبَ ، وَيُكْثِرُ الْأَوَدَ ! حَاوَلَ الْقَوْمُ إِطْفَاءَ نُورِ اللّهِ مِنْ مِصْبَاحِهِ ، وَسَدَّ فَوَّارِهِ مِنْ يَنْبُوعِهِ ، وَجَدَحُوا بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ شِرْباً وَبِيئاً ، فَإِنْ تَرْتَفِعْ عَنَّا وَعَنْهُمْ مِحَنُ الْبَلْوَى ، أَحْمِلْهُمْ مِنَ الْحَقِّ عَلَى مَحْضِهِ ؛ وَإِنْ تَكُنِ الْأُخْرَى ، «فَـلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ»۱ .

الشّرْحُ :

الوضِين : بِطان الْقَتَب ۲ ، وحزام السرج ؛ ويقال للرجل المضطرب في أُموره : إنَّه لَقلِقُ الوضِين ؛ وذلك أنّ الوضِين إذا قلق ، اضطرب القتَبُ أو الهودَجُ ، أو السَّرْج ومَنْ عليه . ويرسِل في غير سَدد ، أي يتكلَّم في غير قصد وفي غير صواب ، والسَّدَدُ والاستداد : الاستقامة والصواب ، والسديد : الذي يصيب السَّدد ، وكذلك المُسِدّ . واستدّ الشيء ، أي استقام . وذِمامة الصّهر ، بالكسر ، أي حرمته ، هو الذّمام . ويروى : « ماتَّة الصِّهر » ، أي حرمته ووسيلته ، متّ إليه بكذا ، وإنّما قال عليه السلام له : « ولك بعد ذِمَامة الصّهر » ؛ لأنّ زينب بنت جحش زوْج رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم كانت أسَدِيّة ؛ وأُمّها أُميّة بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، فهي بنت عمّه رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، والمصاهرة المشار إليها ، هي هذه . وأما حقّ المسألة ، فلأن للسائل على المسئول حقّا حيث أهّله لأنّ يستفيد منه . والاستبداد بالشيء : التفرّد به . والنَّوْط : الالتصاق . وكانت أثَره ، أي استئثارا بالأمر واستبدادا به ؛ قال النبي صلى الله عليه و آله وسلمللأنصار : « ستلقوْنَ بعدي أثَرَه » . وشحّتْ : بخلت . وسَخَت : جادت ؛ ويعني بالنّفوس التي سَخَتْ نفسَه ، وبالنفوس التي شحّت ؛ أمّا على قولنا فإنه يعني نفوسَ أهل الشورى بعد مقتل عُمَر ، وأمّا على قول الإماميّة ، فنفوسَ أهلِ السَّقِيفة . وليس في الخبر ما يقتضي صَرْفَ ذلك

1.سورة فاطر ۸ .

2.البطان : حزام القتب ؛ وهو الذي يجعل تحت بطن الدابة ، والقتب : رحل صغير على قد السنام .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
548

فأبلغ » ، الضمير يرجع إلى اللّه سبحانه ، أي خوّف المكلّفين فأبلغ في التخويف ، ورغّبهم فأتمّ الترغيب وأسبغه . ثم أمر بالإعراض عما يسرُّ ويروق من أمر الدنيا ؛ لقلة ما يصحب النّاس من ذلك . ثم قال : إنَّها أقربُ دار من سخط اللّه ، وهذا نحو قول النبي صلى الله عليه و آله وسلم : « حبُّ الدّنيا رأسُ كلِّ خطيئة » ۱ .
قوله : « فغُضّوا عنكم عباد اللّه غمومها » ، أي كُفّوا عن أنفسكم الغمّ لأجلها والاشتغال بها ، يقال : غضضت فلاناً عن كذا ، أي كففته ، قال تعالى : « وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ »۲ .
قوله : « فاحذروها حَذَر الشفيق الناصح » ، أي فاحذروها على أنفسكم لأنفسِكم كما يحذر الشفيق الناصح على صاحبه ، وكما يحذر المجدّ الكادح ، أي الساعي من خيبة سعيه . والأوصال : الأعضاء . والمحاورة : المخاطبة والمناجاة ، وروي : « ولا يتجاورون » بالجيم . والعَلَم : ما يستدلّ به في المفازة . وطريق جَدَد ، أي سهل واضح . والسبيل قَصْد ، أي مستقيم .

163

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلام لبعض أصحابه
وقد سأله : كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحق به ؟ فقال عليه السلام :
يَا أَخَا بَنِي أَسَدٍ ، إِنَّكَ لَقَلِقُ الْوَضِينِ ، تُرْسِلُ فِي غَيْرِ سَدَدٍ ، وَلَكَ بَعْدُ ذِمَامَةُ الصِّهْرِ وَحَقُّ الْمَسْأَلَةِ ، وَقَدِ اسْتَعْلَمْتَ فَاعْلَمْ :
أَمَّا الاِسْتِبْدَادُ عَلَيْنَا بِهذَا الْمَقَامِ - وَنَحْنُ الْأَعْلَوْنَ نَسَباً ، وَالْأَشَدُّونَ بِرَسُولِ اللّهِ ، صَلَّى اللّه عَلَيهِ وآله وَسَلّم ، نَوْطاً ـ فَإِنَّهَا كَانَتْ أَثَرَةً شَحَّتْ عَلَيْهَا نُفُوسُ قَوْمٍ ، وَسَخَتْ

1.أُصول الكافي ۲ : ۱۳۰ من حديث للإمام زين العابدين علي بن الحسين عليه السلام .

2.سورة لقمان ۱۹ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 147283
صفحه از 712
پرینت  ارسال به