تَسْأَلُوا بِهِ خَلْقَهُ ، إِنَّهُ مَا تَوَجَّهَ الْعِبَادُ إِلَى اللّهِ تَعَالَى بِمِثْلِهِ .
وَاعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ ، وَقَائِلٌ مُصَدَّقٌ ، وَأَنَّهُ مَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُفِّعَ فِيهِ ، وَمَنْ مَحَلَ بِهِ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُدِّقَ عَلَيْه ، فَإِنَّهُ يُنَادِي مُنَادٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : أَلاَ إِنَّ كُلَّ حَارِثٍ مُبْتَلىً فِي حَرْثِهِ وَعَاقِبَةِ عَمَلِهِ ، غَيْرَ حَرَثَةِ الْقُرْآنِ . فَكُونُوا مِنْ حَرَثَتِهِ وَأَتْبَاعِهِ ، وَاسْتَدلُّوهُ عَلَى رَبِّكُمْ ، وَاسْتَنْصِحُوهُ عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، وَاتَّهِمُوا عَلَيْهِ آرَاءَكُمْ ، وَاسْتَغشُّوا فِيهِ أَهْوَاءَكُمْ .
الشّرْحُ :
غشَّه يغُشّه ، بالضم ، غِشّا ، خلاف نصحَه . واللأْواء : الشِّدّة . وشَفَع له القرآن شَفاعة ، بالفتح . ومَحلَ به إلى السّلطان ، قال عنه ما يضرّه ؛ كأنّه جعلَ القرآن يَمْحُلُ يوم القيامة عند اللّه بقوم ، أيْ يقول عنهم شرّا ، ويشفع عند اللّه لقوم ، أي يُثْنِي عليهم خيراً . والحارث : المكتسب ، والحرْث : الكسب . وحَرَثَة القرآن : المتاجرون به اللّه . واستنصحوه على أنفسكم ، أي إذا أشار عليكم بأمر وأشارتْ عليكم أنفسكم بأمر يخالفه . فاقبلُوا مشورة القرآن دون مشورة أنفسكم ؛ وكذلك معنى قوله : « واتّهموا عليه آراءكم ، واستغشّوا فيه أهواءكم » .
الأصْلُ :
۰.الْعَمَلَ الْعَمَلَ ، ثُمَّ النِّهَايَةَ النِّهَايَةَ ، وَالاسْتَقَامَةَ الاسْتِقَامَةَ ، ثُمَّ الصَّبْرَ الصَّبْرَ ، وَالْوَرَعَ الْوَرَعَ ! إِنَّ لَكُمْ نِهَايَةً فَانْتَهُوا إِلى نِهَايَتِكُمْ ، وَإِنَّ لَكُمْ عَلَماً فَاهْتَدُوا بِعَلَمِكُمْ ، وَإِنَّ لِلاْسْلاَمِ غَايَةً فانْتَهُوا إِلى غَايَتِهِ . وَاخْرُجُوا إِلَى اللّهِ مِمّا افْتَرَضَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَقِّهِ ، وَبَيَّنَ لكُمْ مِنْ وَظَائِفِهِ . أنا شَاهِدٌ لَكُمْ ، وَحَجِيجٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْكُمْ .
أَلاَ وَإِنَّ الْقَدَرَ السَّابِقَ قَدْ وَقَعَ ، وَالْقَضَاءَ الْمَاضِيَ قَدْ تَوَرَّدَ ، وَإِنِّي مُتَكَلِّمٌ بِعِدَةِ اللّهِ وَحُجَّتِهِ ، قَالَ اللّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ : « إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَنْ لاَ تَخَافُوا ، وَلاَ تَحْزَنُوا ، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ » ؛ وَقَدْ