605
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

قوله : « وتَجِبُ القلوب » ، أي تخفِق ، وأصله من وَجَب الحائط : سقط . ويروى : « تَوْجل القلوب » أي تخاف ، وَجِل : خاف .
وروي : « صانع لا بحاسّة » ؛ وروي « لا تراه العيون بمشاهدة العيان » عوضاً عن « لا تدركه » .

181

الأصْلُ :

۰.ومن خطبة له عليه السلام في ذم أصحابهأَحْمَدُ اللّهَ عَلَى مَا قَضَى مِنْ أَمْرٍ ، وَقَدَّرَ مِنْ فِعْلٍ ، وَعَلَى ابْتِلاَئِي بِكُمْ أَيَّتُهَا الْفِرْقَةُ الَّتِي إِذَا أَمَرْتُ لَمْ تُطِعْ ، وَإِذَا دَعَوْتُ لَمْ تُجِبْ . إِنْ أُهْمِلْتُمْ خُضْتُمْ ، وَإِنْ حُورِبْتُمْ خُرْتُمْ ، وَإِنِ اجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَى إِمَامٍ طَعَنْتُمْ ، وَإِنْ أُجِئْتُمْ إِلَى مُشَاقَّةٍ نَكَصْتُمْ . لاَ أَبَا لِغَيْرِكُمْ! مَا تَنْتَظِرُونَ بِنَصْرِكُمْ وَالْجِهَادِ عَلَى حَقِّكُمْ ! الْمَوْتَ أَوِ الذُّلَّ لَكُمْ؟ فَوَاللّهِ لَئِنْ جَاءَ يَوْمِي ـ وَلَيَأْتِيَنِّي ـ لَيُفَرِّقَنَّ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ، وَأَنَا لِصُحْبَتِكُمْ قَالٍ ، وَبِكُمْ غَيْرُ كَثِيرٍ .
للّه أَنْتُمْ ! أَمَا دِينٌ يَجْمَعُكُمْ وَلاَ حَمِيَّةٌ تَشْحَذُكُمْ ؟ أَوَلَيْسَ عَجَباً أَنَّ مُعَاوِيَةَ يَدْعُو الْجُفَاةَ الطَّغَامَ فَيَتَّبِعُونَهُ عَلَى غَيْرِ مَعُونَةٍ وَلاَ عَطَاءٍ ، وَأَنَا أَدْعُوكُمْ ـ وَأَنْتُمْ تَرِيكَةُ الاْءِسْلاَمِ ، وَبَقِيَّةُ النَّاسِ ـ إِلَى الْمَعُونَةِ وطَائِفَةٍ مِنَ الْعَطَاءِ ، فَتتَفَرَّقُونَ عَنِّي وَتَخْتَلِفُونَ عَلَيَّ ! إِنَّهُ لاَ يَخْرُجُ إِلَيْكُمْ مِنْ أَمْرِي رِضىً فَتَرْضَوْنَهُ ، وَلاَ سُخْطٌ فَتَجْتَمِعُونَ عَلَيْهِ ؛ وَإِنَّ أَحَبَّ مَا أَنَا لاَقٍ إِلَيَّ الْمَوْتُ . قَدْ دَارَسْتُكُمُ الْكِتَابَ ، وَفَاتَحْتُكُمُ الْحِجَاجَ ، وَعَرَّفْتُكُمْ مَا أَنْكَرْتُمْ ، وَسَوَّغْتُكُمْ مَا مَجَجْتُمْ ، لَوْ كَانَ الْأَعْمَى يَلْحَظُ ، أَوِ النَّائِمُ يَسْتَيْقِظُ ! وَأَقْرِبْ بِقَوْمٍ مِنَ الْجَهْلِ بِاللّه قَائِدُهُمْ مُعَاوِيَةٌ ، وَمُؤدِّبـُهُمُ ابْنُ النَّابِغَةِ!


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
604

الصّدق على البعيد بالذّات الذي لا يصحّ الوضع والأيْنُ أصلاً عليه .
قوله : « متكلّم بلا رويّة » ، الرويّة : الفكرة يرتئي الإنسان بها ليصدر عنه ألفاظ سديدة دالّة على مقصده ، والبارئ تعالى متكلّم لا بهذا الاعتبار ؛ بل لأ نّه إذا أراد تعريف خلقه من جهة الحروف والأصوات ؛ وكان في ذلك مصلحة ولطف لهم ، خلَق الأصوات والحروف في جسم جَماديّ ، فيسمعها مَنْ يسمعها ، ويكون ذلك كلامه ؛ لأنّ المتكلّم في اللغة العربية فاعل الكلام لا من حَلّه الكلام .
قوله : « مريدٌ بلا همّة » ، أي بلا عَزْم ، فالعزم عبارة عن إرادةٍ متقدّمة للفعل ، تفعل توطينا للنفس على الفعل ، وتمهيدا للإرادة المقارنة له ؛ وإنّما يصحّ ذلك على الجسم الذي يتردّد فيها ، تدعوه إليه الدواعي ، فأمَّا العالم لذاته ، فلا يصحّ ذلك فيه .
قوله : « صانع لا بجارحة » ، أي لا بعضو ؛ لأ نّه ليس بجسم .
قوله : « لطيف لا يوصف بالخفاء » ؛ لأنّ لعرب إذا قالوا لشيء : إنّه لطيف ، أرادوا أ نّه صغير الحجم ، والبارئ تعالى لطيف لا بهذا الاعتبار ، بل يطلق باعتبارين :
أحدهما : أ نّه لا يُرَى لعدم صحّة رؤية ذاته ؛ فلما شابه اللّطيف من الأجسام في استحالة رؤيته ، أطلق عليه لفظ « اللطيف » إطلاقا للفظ السّبب على المسبّب .
وثانيهما : أ نّه لطيفٌ بعباده ؛ كما قال في الكتاب العزيز ، أي يفعل الألطاف المقرّبة لهم من الطاعة ، المبعّدة لهم من القبيح . أو لطيفٌ بهم بمعنى أ نّه يرحمهم ويرفُق بهم .
قوله : « كبير لا يوصَفُ بالجفاء » ، لمّا كان لفظ « كبير » إذا استعمِل في الجسم أفاد تباعد أقطاره ؛ ثم لما وصف البارئ بأنَّهُ كبير أراد أن ينزّهه عما يدلّ لفظ « كبير » عليه ، إذا استعمل في الأجسام ؛ والمراد من وصفه تعالى بأنّه كبير ، عَظَمة شأنه وجلالة سلطانه .
قوله : « بصير لا يوصف بالحاسّة » ؛ لأ نّه تعالى يدرَك إمّا لأ نّه حيّ لذاته ، أو أن يكون إدراكه هو علمه ؛ ولا جارحةَ له ولا حاسّة على كلّ واحد من القولين .
قوله : « رحيم لا يوصف بالرّقّة » ؛ لأنّ لفظة الرحمة في صفاته تعالى تطلق مجازا على إنعامه على عباده ؛ لأنّ الملك إذا رقّ على رعيّته وعطَف ، أصابهم بإنعامه ومعروفه .
قوله : « تعنو الوجوه » ، أي تخضع ، قال تعالى : « وَعَنَتِ الوُجُوهُ لِلْحَيِّ القَيُّوم »۱ .

1.سورة طه ۱۱۱ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 147362
صفحه از 712
پرینت  ارسال به