ثم قال : « أقرِبْ بقومٍ ! » أي ما أقربهم من الجهل ! كما قال تعالى : « أسْمِعْ بهم وأَبْصِرْ»۱ ، أي ما أسمعهم وأبصرهم!
182
الأصْلُ :
۰.ومن كلام له عليه السلام
وقد أَرسل رجلاً من أصحابه ، يعلم له علم أحوال قوم من جند الكوفة ، قد همّوا باللحاق بالخوارج ، وكانوا على خوف منه عليه السلام ، فلمّا عاد إِليه الرجل قال له : «أأمِنُوا فَقَطَنُوا ، أم جبنوا فَظَعَنُوا» ، فقال الرجل : بل ظَعَنُوا يا أَمير المؤمنين .
فقال عليه السلام :بُعْداً لَهُمْ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ ! أَمَا لَوْ أُشْرِعَتِ الْأَسِنَّةُ إِلَيْهِمْ وَصُبَّتِ السُّيُوفُ عَلَى هَامَاتِهمْ ، لَقَدْ نَدِمُوا عَلَى مَا كَانَ مِنْهُمْ . إِنَّ الشَّيْطَانَ الْيَوْمَ قَدِ اسْتَفَلَّهُمْ ، وَهُوَ غَداً مُتَبَرِّئٌ مِنْهُمْ ، وَمُتَخَلٍّ عَنْهُمْ . فَحَسْبُهُمْ بِخُرُوجِهمْ مِنَ الْهُدَى ، وَارْتِكَاسِهِمْ فِي الضَّلاَل وَالْعَمَى ، وَصَدِّهِمْ عَنِ الْحَقِّ ، وَجِمَاحِهمْ فِي التِّيهِ .
الشّرْحُ :
قد ذكرنا قصّة هؤلاء القوم فيما تقدّم عند شرحنا قصّة مَصْقَلة بن هبيرة الشّيبانيّ .
وقَطَن الرجلُ بالمكان ، يقطُن بالضمّ : أقام به وتوطّنه ؛ فهو قاطن ؛ والجمع قطّان وقاطنة وقطين أيضاً ، مثل غازٍ وغزيّ . وعازب للكلأ البعيد وعزيب . وظَعَن صار الرجل ظَعْنا وظعَناً ؛ وقرئ بهما : « يَوْمَ ظَعْنِكُمْ »۲ ؛ وأظعنه : سيره ، وانتصب « بُعْداً » على المصدر .