السَّلاَمُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللّهِ عَنِّي ، وَعَنِ ابْنَتِكَ النَّازِلَةِ فِي جِوَارِكَ ، وَالسَّرِيعَةِ اللَّحَاقِ بِكَ ! قَلَّ يَا رَسُولَ اللّهِ ، عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي ، وَرَقَّ عَنْهَا تَجَلُّدِي ، إِلاَّ أَنَّ لِي فِي التَّأَسِّيِ بِعَظِيمِ فُرْقَتِكَ ، وَفَادِحِ مُصِيبَتِكَ ، مَوْضِعَ تَعَزٍّ ، فَلَقَدْ وَسَّدْتُكَ فِي مَلْحُودَةِ قَبْرِكَ ، وَفَاضَتْ بَيْنَ نَحْرِي وَصَدْرِي نَفْسُكَ فإِنَّا للّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ! فَلَقَدْ اسْتُرْجِعَتِ الْوَدِيعَةُ ، وَأُخِذَتِ الرَّهِينَةُ!
أَمَّا حُزْنِي فَسَرْمَدٌ ، وَأَمَّا لَيْلِي فَمُسَهَّدٌ ، إِلَى أَنْ يَخْتَارَ اللّهُ لِي دَارَكَ الَّتِي أَنْتَ بِهَا مُقِيمٌ . وَسَتُنَبـِّئُكَ ابْنَتُكَ بِتَضَافُرِ أُمَّتِكَ عَلَى هَضْمِهَا ، فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ ، وَاسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ ؛ هذَا وَلَمْ يَطُلِ الْعَهْدُ ، وَلَمْ يَخْلُ مِنْكَ الذِّكْرُ ، وَالْسَّلاَمُ عَلَيْكُمَا سَلاَمَ مُوَدِّعٍ ، لاَ قَالٍ وَلاَ سَئِمٍ ، فَإِنْ أَنْصَرِفْ فَـلاَ عَنْ مَلاَلَةٍ ، وَإِنْ أُقِمْ فَـلاَ عَنْ سُوءِ ظَنٍّ بِمَا وَعَدَ اللّهُ الصَّابِرِين!
الشّرْحُ :
أما قول الرضيّ رحمه الله : « عند دفن سيدة النساء » ، فلأنه قد تواتر الخبر عنه صلى الله عليه و آله وسلم أ نّه قال : « فاطمة سيّدة نساء العالمين » إمَّا هذا اللفظ بعينه ، أو لفظ يؤدّي هذا المعنى ، روي أنه قال وقد رآها تبكي عند موته : « ألا ترضيْن أن تكوني سيّدة نساء هذه الأُمّة ! » . وروي أنه قال : « سادات نساء العالمين أربع : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمّد ، وآسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران» .
قوله عليه السلام : « وسريعة اللّحاق بك » جاء في الحديث ؛ أ نّه رآها تبكي عند موته فأسرّ إليها : « أنتِ أسرع أهلي لحُوقا بي » ، فضحكت . قوله : « عن صفيّتك » أجلّه صلى الله عليه و آله وسلم عن أن يقول : « عن ابنتك » ، فقال : « صفيّتك » ، وهذا من لطيف عبارته ، ومحاسن كنايته ، يقول عليه السلام : ضَعُفَ جَلَدي وصَبْري عن فراقها ؛ لكني أتأسّى بفراقي لك فأقول : كلُّ عظيم بعد فراقك جَلَل ، وكلُّ خطب بعد موتك يسير .
ثم ذكر حاله معه وقتَ انتقاله صلواتُ اللّه عليه إلى جوار ربِّه ، فقال : لقد وسَّدْتُك في ملحودة قبرك ، أي في الجهة المشقوقة من قبرك ، واللّحْد : الشَّقّ في جانب القبر ، وجاء بضمّ