679
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

قلت : نعم ؛ لأنّ اللّه تعالى سمّـاهم « أبناءه » في قوله تعالى : « نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْناءَكُمْ »۱ ، وإنما عَنَى الحسن والحسين ، ولو أوصى لولد فلان بمالٍ دخل فيه أولاد البنات ، وسمّى اللّه تعالى عيسى ذريّة إبراهيم في قوله : « وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ »۲ إلى أن قال : « وَيَحْيَى وَعِيسَى » ؛ ولم يختلف أهل اللغة في أنّ وَلَدَ البنات من نسل الرجل .

201

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلام قاله لمّا اضطرب عليه أصحابه في أمر الحكومةأَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّهُ لَمْ يَزَلْ أَمْري مَعَكُمْ عَلَى مَا أُحِبُّ ، حَتَّى نَهكَتْكُمُ الْحَرْبُ ، وَقَدْ ، وَاللّهِ أَخَذَتْ مِنْكُمْ وَتَرَكَتْ ، وَهِيَ لِعَدُوِّكُمْ أَنْهَكُ .
لَقَدْ كُنْتُ أَمْس أَمِيراً ، فَأَصْبَحْتُ الْيَوْمَ مَأْمُوراً ، وَكُنْتُ أَمْس نَاهِياً ، فَأَصْبَحْتُ الْيَوْمَ مَنْهِيّاً ، وَقَدْ أَحْبَبْتُمُ الْبَقَاءَ ، وَلَيْسَ لِي أَنْ أَحْمِلَكُمْ عَلَى مَا تَكْرَهُونَ!

الشّرْحُ :

نهِكَتكم ، بكسر الهاء : أدنفتكم وأذابتكم ، ويجوز فتح الهاء ، وقد نهك الرجل أي دنف وضَنِيَ ، فهو منهوك . وعليه نَهْكة المرض ، أي أثرة الحرب مؤنثة . وقد أخذتْ منكم وتركتْ ، أي لم تستأصلكم بل فيكم بعد بقيّة ، وهي لعدوّكم أنهك ؛ لأنّ القتل في أهل الشام كان أشدّ استحرارا ، والوهَن فيهم أظهر ، ولولا فساد أهل العراق برفْعِ المصاحف ، لاستؤصل أهل الشام ، وخلص الأشتر إلى معاوية ، فأخذه بعنقه ، ولم يكن قد بقَى من قوّة الشام إلاّ كحرَكة ذَنَب الوزغة عند قتلها ، يضطرب يمينا وشمالاً ؛ ولكن الأُمورَ السماويّة لا

1.سورة آل عمران ۶۱ .

2.سورة الأنعام ۸۴ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
678

200

الأصْلُ :

۰.ومن كلام له عليه السلام في بعض أيام صفين وقد رأى الحسن ابنه عليه السلام يتسرّع إلى الحربأمْلِكُوا عنِّي هذَا الْغُلاَمَ لاَ يَهُدُّنِي ، فَإِنَّنِي أَنْفَسُ بِهذَيْنِ ـ يَعْنِي الحَسَنَ وَالْحُسَيْنَعليهما السلام ـ عَلَى الْمَوْتِ لِئَـلاَّ يَنْقَطِعَ بِهِمَا نَسْلُ رَسُولِ اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ .

۰.قال الرضي أبُو الحَسَن رحمه الله :قوله عليه السلام : «املكوا عني هذا الغلام» من أعلى الكلام وأفصحه .

الشّرْحُ :

الألف في « امْلِكُوا » ألف وصل ؛ لأنّ الماضي ثلاثيّ ، من ملكت الفرس والعبد والدار ، أملِك بالكسر ، أي احجروا عليه كما يَحجُر المالك على مملوكه . وعن ، متعلّقة بمحذوف تقديره : استولوا عليه وأبعدوه عنِّي . ولما كان الملك سبَب الحجْر على المملوك عبّر بالسبب عن المسبّب .
ووجه علوّ هذا الكلام وفصاحته أ نّه لما كان في « املكوا » معنى البعد ، أعقبه بعن ، وذلك أنّهم لا يملكونه دون أمير المؤمنين عليه السلام إلاّ وقد أبعدوه عنه ؛ ألا ترى أنّك إذا حجرت على زيد دون عمرو ، فقد باعدت زيدا عن عمرو ! فلذلك قال : املكوا عنِّي هذا الغلام .
قوله : « لا يهدّني » أي لئلاّ يهدّني ، فحذف كما حذف طَرَفة في قوله :
* ألا أيُّهذا الزّاجري أحضُرَ الوَغَى *
أي لأنّ أحضر . وأنفس : أبخل ، نفِسْت عليه بكذا بالكسر .
فإن قلت : أيجوز أن يقال للحسن والحسين وولدهما : أبناء رسول اللّه وولد رسول اللّه ، وذريّة رسول اللّه ، ونسل رسول اللّه ؟

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 147297
صفحه از 712
پرینت  ارسال به