مقدّمة الكتاب
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد للّه رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين ، وبعد :
إن كتاب « نهج البلاغة » ، أو ما اختاره الشريف الرضي (359 ـ 406 ه) أبو الحسن محمّد بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن ابراهيم ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، أحد علماء الإمامية الأفذاذ وأشعر شعراء قريش ؛ أروع ما أُثر عن الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام من خطب وكتب ومواعظ وأدب ، ممّا يتضمّن عجائب البلاغة ، وغرائب الفصاحة ، وجواهر العربية ، وثواقب الكلم الدينيّة والدنيوية ؛ هو أجلّ نتاج أدبي وفكري بشري عرفه التأريخ ، وأكثرها ثباتاً ودواماً وانتشاراً بعد كتاب اللّه العزيز ، والسنّة النبوية الشريفة « وأعظمها فنّاً وفكراً وعمقاً ، ففنيّاً قدّم النهج نموذجاً فنّياً عالياً ، بحيث أنّ ما عداه من النتاج الأدبي هو دونه أو تقليد له ، وأمّا فكريّاً فهو حصيلة ما أودعه رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلممن المعرفة لدى الإمام علي عليه السلام « أنا مدينة العلم وعلي بابها » ، هذه المعرفة التي سبقت عصرها الى تخوم العصور » ۱ .
وجاءت تسميته « بنهج البلاغة » ليدلّ على أنّه النموذج الأسمى لبلاغة التعبير ، والأعلى لسمو الفكر ، وتنوّع الفنون ، والأغراض والأهداف ، فالنهج كتاب لا نظير له بين آثار بني البشر ؛ لأنّه يُعنى بشؤون الإنسان الروحية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية ،