ضَرْعَيْهَا ! ـ فَصَيَّرَهَا في حَوْزَةٍ خَشْنَاءَ يَغْلُظُ كَلْمُهَا ، وَيَخْشُنُ مَسُّهَا ، وَيَكْثُرُ الْعِثَارُ فِيهَا ، وَالاِْعْتِذَارُ مِنْهَا ، فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ إنْ أَشْنَقَ لَهَا خَرَمَ ، وَإنْ أَسْلَسَ لَهَا تَقَحَّمَ ، فَمُنِيَ النَّاسُ ـ لَعَمْرُ اللّهِ ـ بِخَبْطٍ وَشِمَاسٍ ، وَتَلَوُّنٍ وَاعْتِرَاضٍ ؛ فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ ، وَشِدَّةِ الْمِحْنَةِ ۱ .
الشّرْحُ :
مضى لسبيله : مات ، والسّبيل الطريق ، وتقديره : مضى على سبيله ، وتجيء اللاّم بمعنى « على » ، كقوله :
فَخَرَّ صَرِيعا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ
وقوله : « فأدْلَى بها » من قوله تعالى : « وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إلَى الْحُكَّامِ »۲ ، أي تدفعوها إليهم رِشْوَة ، وأصله من : أدليتَ الدّلو في البئر ، أرسلتَها .
فإن قلت : فإنّ أبا بكر إنما دفَعها إلى عمر حين مات ، ولا معنى للرِّشوة عند الموت!
قلت : لما كان عليه السلام يَرَى أنّ العدول بها عنه إلى غيره إخراج لها إلى غير جهة الاستحقاق ، شبّه ذلك بإدلاء الإنسان بمالِه إلى الحاكم ، فإنه إخراج للمال إلى غير وجهه . وأمّا البيت الذي تمثل به عليه السلام ، فإنه للأعشى الكبير ، أعشى قيس . وهو أبو بصير ميمون بن قيس بن جَنْدل .
وشَتّان أصله شتت .
يقول : شتان يومى وأنا في الهاجرة والرمضاء ، أسيرُ على كور هذه الناقة ، ويوم حَيَّان وهو في سَكْرة الشراب ، ناعم البال ، مرفّه من الأكدار والمشاقّ . يقول أمير المؤمنين عليه السلام : شتان بين يومي في الخلافة مع ما انتقض علَيّ من الأمر ، ومُنِيت به من انتشار الحبل ، واضطراب أركان الخلافة ، وبين يوم عمر حيثُ وليها على قاعدة ممهّددة ، وأركان ثابتة ،