وقوله تعالى : «وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي» ، أي أحللتُ فيه الحياة ، وأجريت الرُّوح إليه في عروقه ، وأضاف الروح إليه تبجيلاً لها ، وسمّى ذلك نفخاً على وجه الاستعارة ؛ لأنّ العرب تتصوّر من الروح معنى الريح ، والنّفخ يصدق على الريح ، فاستعار لفظة «النفخ» توسُّعاً .
قوله : «فافتخر على آدم بخلْقه ، وتعصّب عليه لأصله» ، كانت خلقتُه أهونَ من خلقة آدم عليه السلام ، وكان أصلُه من نار وأصل آدم عليه السلام من طين .
قوله عليه السلام : «رداء الجَبريّة» الباءُ مفتوحة ، يقال : فيه جبريّة ، وجبروّة ، وجَبَروت ، وجَبُّورة ، كفرُّوجة ، أي كِبْر . وجعله مدحورا ، أي مطرودا مبعدا ، دحره اللّه دُحورا ، أي أقصاه وطرده .
الأصْلُ:
۰.وَلَوْ أَرَادَ اللّهُ أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ مِنْ نُورٍ يَخْطَفُ الْأَبْصَارَ ضِيَاؤُهُ ، وَيَبْهَرُ الْعُقُولَ رُوَاؤُهُ ، وَطِيبٍ يَأْخُذُ الْأَنْفَاسَ عَرْفُهُ ، لَفَعَلَ ؛ وَلَوْ فَعَلَ لَظَلَّتْ لَهُ الْأَعْنَاقُ خَاضِعَةً ، وَلَخَفَّتِ الْبَلْوَى فِيهِ عَلَى المَلائِكَةِ . وَلكِنَّ اللّهَ سُبْحَانَهُ يَبْتَلِي خَلْقَهُ بِبَعْضِ مَا يَجْهَلُونَ أَصْلَهُ ، تَمْيِيزاً بِالاِخْتِبَارِ لَهُمْ ، وَنَفْياً لِلاِسْتِكْبَارِ عَنْهُمْ ، وَإِبْعَاداً لِلْخُيَلاَءِ مِنْهُمْ . فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اللّهِ بِإِبْلِيسَ إِذْ أَحْبَطَ عَمَلَهُ الطَّوِيلَ ، وَجَهْدَهُ الْجَهِيدَ ، وَكَانَ قَدْ عَبَدَ اللّهَ سِتَّةَ آلاَفِ سَنَةٍ ، لاَ يُدْرَى أَمِنْ سِنِي الدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي الاْخِرَةِ ، عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ ، فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِيسَ يَسْلَمُ عَلَى اللّهِ بِمِثْلِ مَعْصِيَتِهِ !
كَلاَّ ، مَا كَانَ اللّهُ سُبْحَانَهُ لِيُدْخِلَ الْجَنَّةَ بَشَراً بِأَمْرٍ أَخْرَجَ بِهِ مِنْهَا مَلَكاً ؛ إِنَّ حُكْمَهُ فِي أَهْلِ السَّماءِ والْأَرْضِ لَوَاحِدٌ . وَمَا بَيْنَ اللّهِ وَبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ هَوَادَةٌ فِي إِبَاحَةِ حِمىً حَرَّمَهُ عَلَى الْعَالَمِينَ .
الشّرْحُ:
خَطِفت الشيء بكسر الطاء ، أخطَفه ، إذا أخذته بسرعة استلابا ، وفيه لغة أُخرى : خَطَف بالفتح ، ويخطِف بالكسر ، وهي لغة رديئة قليلة لا تكاد تعرف . والرُّواء ، بالهمزة والمد :