«بأمر أخرج به منها ملَكا» ، معناه أنّ اللّه تعالى لا يدخِل الجنة بشرا يصحبه أمر أخرج اللّه به مَلَكاً منها .
الأصْلُ:
۰.فَاحْذَرُوا ـ عِبَادَ اللّهِ ـ عَدُوَّ اللّهِ أَنْ يُعْدِيَكُمْ بِدَائِهِ ، وَأَنْ يَسْتَفِزَّكُمْ بِخَيْلِهِ وَرَجِلِهِ . فَلَعَمْرِي لَقَدْ فَوَّقَ لَكُمْ سَهْمَ الْوَعِيدِ ، وَأَغْرَقَ إِلَيْكُمْ بِالنَّزْعِ الشَّدِيدِ ، وَرَمَاكُمْ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ، فَقَالَ : «رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ»۱ ، قَذْفاً بِغَيْبٍ بَعِيدٍ ، وَرَجْماً بِظَنٍّ غَيْرِ مُصِيبٍ ؛ صَدَّقَهُ بِهِ أَبْنَاءُ الْحَمِيَّةِ ، وَإِخْوَانُ الْعَصَبِيَّةِ ، وَفُرْسَانُ الْكِبْرِ وَالْجَاهِلِيَّةِ . حَتَّى إِذَا انْقَادَتْ لَهُ الْجَامِحَةُ مِنْكُمْ ، وَاسْتَحْكَمَتِ الطَّمَاعِيَةُ مِنْهُ فِيكُمْ ، فَنَجَمَتِ فيه الْحَالُ مِنَ السِّرِّ الْخَفِيِّ إِلَى الْأَمْرِ الْجَلِيِّ ، اسْتَفْحَلَ سُلْطَانُهُ عَلَيْكُمْ ، وَدَلَفَ بِجُنُودِهِ نَحْوَكُمْ ، فَأَقْحَمُوكُمْ وَلَجَاتِ الذُّلِّ ، وَأَحَلُّوكُمْ وَرَطَاتِ الْقَتْلِ ، وَأَوْطَؤُوكُمْ إِثْخَانَ الْجِرَاحَةِ ، طَعْناً فِي عُيُونِكُمْ ، وَحَزّاً فِي حُلُوقِكُمْ ، وَدَقّاً لِمَنَاخِرِكُمْ ، وَقَصْداً لِمَقَاتِلِكُمْ ، وَسَوْقاً بِخَزَائمِ الْقَهْرِ إِلَى النَّارِ المُعَدَّةِ لَكُمْ ؛ فَأَصْبَحَ أَعْظَمَ فِي دِينِكُمْ حَرْجاً ، وَأَوْرَى فِي دُنْيَاكُمْ قَدْحاً ، مِنَ الَّذِينَ أَصْبَحْتُمْ لَهُمْ مُنَاصِبِينَ ، وَعَلَيْهِمْ مُتَأَ لِّبِينَ .
فَاجْعَلُوا عَلَيْهِ حَدَّكُمْ ، وَلَهُ جِدَّكُمْ ، فَلَعَمْرُ اللّهِ لَقَدْ فَخَرَ عَلَى أَصْلِكُمْ ، وَوَقَعَ فِي حَسَبِكُمْ ، وَدَفَعَ فِي نَسَبِكُمْ ، وَأَجْلَبَ بِخَيْلِهِ عَلَيْكُمْ ، وَقَصَدَ بِرَجِلِهِ سَبِيلَكُمْ . يَقْتَنِصُونَكُمْ بِكُلِّ مَكَانٍ ، وَيَضْرِبُونَ مِنْكُمْ كُلَّ بَنَانٍ ، لاَ تَمْتَنِعُونَ بِحِيلَةٍ ، وَلاَ تَدْفَعُونَ بِعَزِيمَةٍ ، فِي حَوْمَةِ ذُلٍّ ، وَحَلْقَةِ ضِيقٍ ، وَعَرْصَةِ مَوْتٍ ، وَجَوْلَةِ بَلاَءٍ .
فَأَطْفِئُوا مَا كَمَنَ فِي قُلُوبِكُمْ مِنْ نِيرَانِ الْعَصَبِيَّةِ ، وَأَحْقَادِ الجَاهِلِيَّةِ ، فَإِنَّمَا تِلْكَ الْحَمِيَّةُ تَكُونُ فِي الْمُسْلِمِ مِنْ خَطَرَاتِ الشَّيْطَانِ وَنَخَوَاتِهِ ، وَنَزَغَاتِهِ وَنَفَثَاتِهِ .