وكسرها وتذليلها . وعتاق الوجوه : كرائمها . وإلصاق كرائم الجوارح بالأرض كاليدين والساقين تصاغرا يوجب الخشوع والاستسلام ، والجوع في الصوم الذي يلحق البطن في المتن يقتضي زوال الأَشَر والبطَر ، ويوجب مذلّة النفس وقمْعها عن الانهماك في الشهوات ، وما في الزكاة من صَرْف فواضل المكاسب إلى أهل الفقر والمسكنة يوجبُ تطهيرَ النّفوس والأموال ومواساة أرباب الحاجات بما تسمحُ به النفوس من الأموال ، وعاصم لهم من السرقات وارتكاب المنكرات ، ففي ذلك كلّه دفع مكايد الشيطان .
وتخفيض القلوب : حطها عن الاعتلاء والتّيه . والخُيَلاء : التكبّر . والمسكنة : أشدّ الفقر في أظهر الرّأيين . والقَمْع : القهر . والنَّوَاجم : جمع ناجمة ، وهي ما يظهر ويطلع من الكبر وغيره . والقَدْع ، بالدال المهملة : الكفّ ، قدعت الفرس وكبحته باللجام ، أي كففته . والطوالع ، كالنواجم .
الأصْلُ:
۰.وَلَقَدْ نَظَرْتُ فَمَا وَجَدْتُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ يَتَعَصَّبُ لِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ إِلاَّ عَنْ عِلَّةٍ تَحْتَمِلُ تَمْوِيهَ الْجُهَلاَءِ ، أَوْ حُجَّةٍ تَلِيطُ بِعُقُولِ السُّفَهَاءِ غَيْرَكُمْ فَإِنَّكُمْ تَتَعَصَّبُونَ لِأَمْرٍ مَا يُعْرَفُ لَهُ سَبَبٌ وَلاَ عِلَّةٌ . أَمَّا إِبْلِيسُ فَتَعَصَّبَ عَلَى آدَمَ لِأَصْلِهِ ، وَطَعَنَ عَلَيْهِ فِي خِلْقَتِهِ ، فَقَالَ : أَنَا نَارِيٌّ وَأَنْتَ طِينِيٌّ . وَأَمَّا الْأَغْنِيَاءُ مِنْ مُتْرَفَةِ الْأُمَمِ ، فتَعَصَّبُوا لاِثَارِ مَوَاقِعِ النِّعَمِ ، فَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ .
فَإِنْ كَانَ لاَبُدَّ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ فَلْيَكُنْ تَعَصُّبُكُمْ لِمَكَارِمِ الْخِصَالِ ، وَمَحَامِدِ الْأَفْعَالِ ، وَمَحَاسِنِ الْأُمُورِ ، الَّتِي تَفَاضَلَتْ فِيهَا الْمُجَدَاءُ وَالنُّجَدَاءُ مِنْ بُيُوتَاتِ الْعَرَبِ وَيَعَاسِيبِ الْقَبَائِلِ ؛ بِالْأَخْلاَقِ الرَّغِيبَةِ ، وَالْأَحْلاَمِ الْعَظِيمَةِ ، وَالْأَخْطَارِ الْجَلِيلَةِ ، وَالاْثَارِ الْمَحْمُودَةِ .
فَتَعَصَّبُوا لِخِلاَلِ الْحَمْدِ ؛ مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ ، وَالْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ ، وَالطَّاعَةِ لِلْبِرِّ ، وَالْمَعْصِيَةِ لِلْكِبْرِ ، وَالْأَخْذِ بِالْفَضْلِ ، وَالْكَفِّ عَنِ الْبَغْيِ ، وَالاْءِعْظَامِ لِلْقَتْلِ ، وَالاْءِنْصَافِ لِلْخَلْقِ ، وَالْكَظْمِ لِلْغَيْظِ ، وَاجْتِنَابِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ .