وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ» 1 .
والمُرار : بضمّ الميم : شجر مُرٌّ في الأصل ، واستعير شرب المُرار لكلّ مَنْ يلقَى شديد المشقّة . ورأى اللّه منهم جدّ الصبر ، أي أشدّه . وأئمة أعلاماً ، أي يُهتدَى بهم ، كالعَلم في الفَلاَة .
الأصْلُ:
۰.فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانُوا حَيْثُ كَانَتِ الْأَمْلاَءُ مُجْتَمِعَةً ، وَالْأَهْوَاءُ مُؤْتَلِفَةً ، وَالْقُلُوبُ مُعْتَدِلَةً ، وَالْأَيْدِي مُتَرَادِفَةً ، وَالسُّيُوفُ مُتَنَاصِرَةً ، وَالْبَصَائِرُ نَافِذَةً ، وَالْعَزَائِمُ وَاحِدَةً .
أَلَمْ يَكُونُوا أَرْبَاباً فِي أَقْطَارِ الْأَرَضِينَ ، وَمُلُوكاً عَلَى رِقَابِ الْعَالَمِينَ !
فَانْظُرُوا إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْهِ فِي آخِرِ أُمُورِهِمْ ، حِينَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ ، وَتَشَ الْأُلْفَةُ ، وَاخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ وَالْأَفْئِدَةُ ؛ وَتَشَعَّبُوا مُخْتَلِفِينَ ، وَتَفَرَّقُوا مُتَحَارِبِينَ ، قَدْ خَلَعَ اللّهُ عَنْهُمْ لِبَاسَ كَرَامَتِهِ ، وَسَلَبَهُمْ غَضَارَةَ نِعْمَتِهِ ، وَبَقِيَ قَصَصُ أَخْبَارِهِمْ فِيكُمْ عِبَراً لِلْمُعْتَبِرِينَ منْكُمْ .
الشّرْحُ:
الأملاء : الجماعات ، الواحد ملَأ . ومترادفة : متعاونة . البصائر نافذة ، يقال : نفذت بصيرتي في هذا الخَبر ، أي اجتمع همّي عليه ، ولم يبق عندي تردّد فيه ، لعلمي به وتحقيقي إياه . وأقطار الأرَضين : نواحيها ، وتش : تفرَّقت . وتشعّبوا : صاروا شُعوباً وقبائل مختلفين . وتفرّقوا متحزّبين : اختلفوا أحزابا ، وروي : «متحازبين» . وغضارة النّعمة : الطيِّب الليِّن منها . والقَصَصُ : الحديث .
يقول : انظروا في أخبار مَنْ قبلكم من الأُمم ، كيف كانت حالهم في العزّ والمُلْك لمّا كانت كلمتُهم واحدة ، وإلى ماذا آلتْ حالهم حين اختلفت كلمتُهم ! فاحذروا أن تكونوا مثلَهم ، وأن يحلّ بكم إن اختلفتم مثل ما حلّ بهم .