171
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

وَوطِّنوا لِلْجُنُوبِ مَصَارِعَهَا ، وَاذْمُرُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى الطَّعْنِ الْدَّعْسِيِّ ، وَالضَّرْبِ الطِّلَحْفِيِّ ، وَأَمِيتُوا الْأَصْوَاتَ فإِنَّهُ أَطْرَدُ لِلْفَشَلِ .
وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ، مَا أَسْلَموا وَلكِنِ اسْتَسْلَمُوا ، وَأَسَرُّوا الْكُفْرَ ، فَلَمَّا وَجَدُوا أَعْوَاناً عَلَيْهِ أَظْهَرُوهُ .

الشّرْحُ:

قال : لا تستصعبوا فَرَّةً تفِرّونها بعدها كَرّة ، تجبُرون بها مَا تكسّر من حالكم ، وإنّما الّذي ينبغي لكم أن تستَصْعبوه فَرّة لا كَرّةَ بعدَها ؛ وهذا حَضٌّ لهم على أن يكرّوا ويعودُوا إلى الحرب إن وقعتْ عليهم كسرةٌ . ومثله قولُه : «ولا جَوْلةٌ بعدَهَا حمْلة» ، والجوْلة : هزيمة قريبة ليست بالممعنة . واذمُرُوا أنفسَكم ، مِن ذمَره على كذا ، أي حضّه عليه . والطّعْن الدَّعْسيّ : الذي يُحْشى به أجواف الأعداء ، وأصل الدَّعْس الحشْو ، دَعسْتُ الوعَاءَ حشوْته .
وضرب طِلَحْفي بكسر الطاء وفتح اللام ، أي شديد ، واللام زائدة .
ثم أمَرَهم بإماتة الأصوات ؛ لأنّ شِدّة الضّوْضاء في الحرب أمارة الخوف والوَجَل .
ثمّ أقسَم أنّ معاوية وعَمْرا ومَن والاهما من قريش ما أسلَموا ولكن استَسلَموا خوفاً من السّيف ونافَقُوا ؛ فلمّا قَدَروا على إظهار ما في أنفسهم أظهَروه ؛ وهذا يدلُّ على أنَّه عليه السلام جعل محاربتَهم له كُفراً .
وقد تقدّم في شرح حالِ معاويةَ وما يَذكره كثيرٌ من أصحابنا من فساد عقيدتِه ما فيه كفاية ۱ .

1.ذكر ابن أبي الحديد ، أحوال معاوية وعمرو بن العاص ، في الجزء الأول من شرحه ، ص۳۳۴ وما بعدها ، وج۲ ، ص۶۰ وما بعدها ومما قاله في معاوية ، ص۳۴۰ : (ومعاوية مطعون في دينه عند شيوخنا (رحمهم اللّه ) يُرمْى بالزندقة . وروى أصحابنا في كتبهم الكلامية عنه من الإلحاد ، والتعرّض لرسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، وما تظاهر به من الجبر والإرجاء ، ولو لم يكن شيء من ذلك ، لكان في محاربته الإمام ما يكفي في فساد حاله) وفي ج۲ ، ص۶۵ . قال عن عمرو بن العاص : قال شيخنا أبو القاسم البلخي : « وما زال عمرو بن العاص مُلْحِداً ، ما تردد قط في الإلحاد والزندقة ، وكان معاوية مثله ... » .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
170

15

الأصْلُ:

۰.وكان عليه السلام يقول إذا لقي العدو محارباًاللَّهُمَّ إِلَيْكَ أَفْضَتِ الْقُلُوبُ ، وَمُدَّتِ الْأَعْنَاقُ ، وَشَخَصَتِ الْأَبْصَارُ ، وَنُقِلَتِ الْأَقْدَامُ ، وَأُنْضِيَتِ الْأَبْدَانُ .
اللَّهُمَّ قَدْ صَرَّحَ مَكْنُونُ الشَّنَآنِ ، وَجَاشَتْ مَرَاجِلُ الْأَضْغَانِ .
اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْكُو إِلَيْكَ غَيْبَةَ نَبِيِّنَا ، وَكَثْرَةَ عَدُوِّنَا ، وَتَشَتُّتَ أَهْوَائِنَا .
رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ .

الشّرْحُ:

أفضت القلوب ، أي دَنَت وقَرُبَت ، ومنه أفضَى الرّجلُ إلى امرأته أي غشيَها ، ويجوز أن يكون «أفضت» ، أي بسرّها ، فحذف المفعول . وأُنضيت الأبدان : هَزُلت ، ومنه النِّضو ، وهو البَعير المهزُول . وصَرَّح : انكشَف . والشنآن : البغْضة . وجاشت : تحرّكت واضطربَتْ . والمَراجل : جمع مِرْجل ، وهي القِدْر . والأضغان : الأحقاد ، واحدُها ضغن .

16

الأصْلُ:

۰.وكان يقول عليه السلام لأصحابه عند الحربلاَ تَشْتَدَّنَّ عَلَيْكُمْ فَرَّةٌ بَعْدَهَا كَرَّةٌ ، وَلاَجَوْلَةٌ بَعْدَهَا حَمْلَةٌ ، وَأَعْطُوا السُّيُوفَ حُقُوقُهَا ،

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 212827
صفحه از 800
پرینت  ارسال به