أهل بيتِ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم مع وجود من يصلُح للأمر ، أي كان الأليق بالمسلمين والأوْلى أن يجعلوا الرِّئاسة بعدَه لأهله قُربةً إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، وتكريما لحرمته ، وطاعَةً له ، وأنفَة لقَدْره صلى الله عليه و آله وسلم أن تكونَ وَرَثُته سُوقةً ، يليهم الأجانب ، ومن ليس من شَجَرته وأصلِه ، ألاَ ترى أنّ هيبة الرّسالة والنبوّة في صدور الناس أعظمُ إذا كان السلطان والحاكم في الخلق من بيت النبوّة ؛ وليس يُوجد مثل هذه الهيْبة والجلال في نفوس الناس للنبوّة إذا كان السلطان الأعظمُ بعيدَ النسب من صاحب الدعوة عليه السلام !
ثم اشتَرَط على مَنْ يلي هذه الأموال أن يتركَها على أُصولها ، ويُنفِق من ثمرتها ، أي لا يقطع النخل والثمر ويبيعُه خَشَباً وعيداناً ، فيُفضي الأمرُ إلى خراب الضِّياع وعُطْلة العَقار .
قوله : «وألاّ يبيع من أولاد نخيل هذه القُرَى» ، أي من الفُسْلان الصّغار ، سمّـاها أولاداً ، وفي بعض النُّسخ ليست «أولاد» مذكورةً ، والوَديّة : الفَسِيلة . تُشْكِلَ أرضها : تمتلئ بالغِراس حتى لا يَبقَى فيه طريقة واضحة .
قوله : «أطوفُ عليهنّ» ، كنايةً لطيفة عن غِشْيان النساء ، أي من السَّراريّ ؛ فقال : من كان من إمائي لها ولد منّي ؛ أو هي حاملٌ منّي وقسمتم تركتي فلتكن أُمُّ ذلك الولدِ مبيعة على ذلك الوَلَد، ويُحَاسَب بالثمن من حصّته من التركة، فإذا بيعتْ عليه عتقتْ عليه؛ لأنّ الوَلد إذا اشتَرَى الوالدَ عَتق الوالدُ عنه ، وهذا معنى ، قوله «فتُمسَك على ولدها» ، أي تقوم عليه بقيمة الوقت الحاضر ، وهي منْ حظّه ، أي من نصيبه وقسطه من التركة . قال : فإن مات ولدها وهي حيّة بعد أن تقوم عليه فلا يجوز بيعُها؛ لأنها خرجتْ عن الرِّق بانتقالها إلى ولدها، فلا يجوز بيعُها .
25
الأصْلُ:
۰.ومن وصية له عليه السلام كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات
وإنّما ذكرنا هنا جُمَلاً منها ليُعلمَ بها أنّه عليه السلام كان يقيم عِمادَ الحق ، ويشرع أمثلةَ العَدْل ، في صغير الأُمور وكبيرِها ، ودقيقِها وجَليلِها .انْطَلِقْ عَلَى تَقْوَى اللّهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَلاَ تُرَوِّعَنَّ مُسْلِماً ، وَلاَ تَجْتَازَنَّ عَلَيْهِ