187
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

لحْمه ونِقْيه . والمُلغَب : المُتعَب ، واللُّغوب : الإعياء . وحَدرتُ السفينة وغيرها ـ بغير ألف ـ أحدُرها بالضم .
قوله عليه السلام : «ولا يَمْصُر لبنها» ، المَصْر حَلْب ما في الضّرع جميعه ، نهاه من أن يحلب اللبن كلَّه فيبقَى الفَصيلُ جائعا ؛ ثم نهاه أن يُجهِدَها ركوباً ، أي يُتعبها ويُحمِّلها مشَقّة ؛ ثم أمَرَه أن يعدِل بين الركاب في ذلك ، لا يخصّ بالركوب واحدةً بعينها ، ليكون ذلك أرْوَح لهنّ ، ليرفِّه على اللاّغب ، أي ليترُكَه وليُعْفِه عن الركوب ليستريح . والرفاهِيَة : الدّعَة والراحة . والنِّقب : ذو النّقب ، وهو رقّة خُفّ البعير حتى تكاد الأرضُ تَجرحه : أمَرَه أن يستأني بالبعير ذي النّقبِ ، من الأناة ، وهي المُهلة . والظالع : الذي ظَلَع ، أي غَمز في مَشْيه . والغُدُر : جمع غدير الماء . وجوادّ الطريق : حيث لا ينبُت المرعَى . والنِّطاف : جمع نطفة ، وهي الماء الصافي القليل . والبُدّن بالتشديد : السِّمان ، واحدها بادن . ومُنْقِيات : ذواتُ نِقْي ، وهو المُخّ في العَظْم ، والشحم في العَين من السِّمَن ، وأنْقَت الإبلُ وغيرُها : سَمنتْ وصار فيها نِقْيٌ ، وناقة مُنْقِيةٌ ، وهذه الناقة لا تُنقِي .

26

الأصْلُ:

۰.ومن عهد له عليه السلام إلى بعض عماله وقد بعثه على الصدقةاَمَرَهُ بِتَقْوَى اللّهِ فِي سَرَائِرِ أَمْرِهِ وَخَفِيَّاتِ عَمَلِهِ ، حَيْثُ لاَ شاهِدَ غَيْرُهُ ، وَلاَ وَكِيلَ دُونَهُ . وَأَمَرَهُ أَلاَّ يَعْمَلَ بَشَيْءٍ مِنْ طَاعَةِ اللّهِ فِيما ظَهَرَ فَيُخَالِفَ إِلَى غَيْرِهِ فِيَما أَسَرَّ ، وَمَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ سِرُّهُ وَعَلاَنِيَتُهُ ، وَفِعْلُهُ وَمَقَالَتُهُ ، فَقَدْ أَدَّى الْأَمَانَةَ ، وَأَخْلَصَ الْعِبَادَةَ .
وأمَره أَلاَّ يَجْبَهَهُمْ ، وَلاَ يَعْضَهَهُمْ ، وَلاَ يَرْغَبَ عَنْهُمْ تَفَضُّلاً بِالاْءِمَارَةِ عَليْهِمْ ، فَإِنَّهُمُ الاْءِخْوَانُ فِي الدِّينِ ، وَالْأَعْوَانُ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْحُقُوقِ .
وَإِنَّ لَكَ فِي هَذِهِ الصَّدَقَةِ نَصِيباً مَفْرُوضاً ، وَحَقّاً مَعْلُوماً ، وَشُرَكَاءَ أَهْلَ مَسْكَنَةٍ ، وَضُعَفَاءَ ذَوِي فَاقَةٍ . وَإِنَّا مُوَفُّوكَ حَقَّكَ ، فَوَفِّهِمْ حُقُوقَهُمْ ، وَإِلاَّ تَفْعَلْ فَإِنَّكَ مِنْ أَكْثَرِ


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
186

ثم أمره أن يسألهم : هل في أموالهم حقٌّ للّه تعالى يعني الزّكَاة ؟ فإن قالوا : لا ، فلينصرف عنهم ؛ لأنّ القولَ قول ربِّ المال ، فلعلّه قد أخرج الزكَاة قبل وصول المصدق إليه . قولُه : « أنعَم لك » ، أي قال : نعم . ولا تعسِفْه ، أي لا تطلب منه الصّدقة عَسْفاً ، وأصلُه الأخذ عَلَى غير الطريق . ولا تُرهِقه : لا تكلِّفه العسرَ والمشقّة .
ثم أمَرَه أن يَقبِض ما يدفع إليه من الذّهب والفضّة ، وهذا يدلّ عَلَى أن المصدّق كَان يأخذ العَيْنَ والوَرِق كما يأخذ الماشية ، وأن النّصاب في العَيْن والوَرِق تُدفع زكاتُه إلى الإمام ونوّابه ، وفي هذه المسألة اختلافٌ بين الفقهاء .
قوله : «فإنّ أكثرها له» ، كلامٌ لا مَزيدَ عليه في الفصاحة والرِّئاسة والدِّين ؛ وذلك لأنّ الصدقة المستَحقّة جزءٌ يسيرٌ من النِّصاب ، والشَّريك إذا كان له الأكثر حَرُم عليه أن يدخل ويتصرّف إلاّ بإذنِ شريكهِ ، فكيف إذا كَان له الأقلّ .
قوله : «فلا تَدخُلها دخولَ متسلِّط عليه» ، قد علم عليه السلام أن الظّلم من طَبْع الوُلاة ، وخصوصا من يتولّى قبضَ الماشية من أربابها عَلَى وجه الصَّدقة ، فإنّهم يدخلونها دخولَ متسلِّط حاكم قاهر ، ولا يَبقى لربّ المال فيها تصرُّف ، فنَهَى عليه السلام عن مِثل ذلك .
قوله : «ولا تنفِرنّ بهيمةً ، ولا تُفَزِعَنَّها» ، وذلك أنّهم عَلَى عادة السّوء يُهَجْهجون بالقَطيع حتى تنفِر الإبل ، وكذلك بالشّاء إظهارا للقوّة والقهر ، وليتمكّن أعوانُهم من اختيار الجيّد ، ورَفْض الرديء . «ولا تسوءَنّ صاحبَها فيها» ، أي لا تغمّوه ولا تُحزنوه ، يقال : سؤته في كذا سَوائيةً ومَسائيةً . «واصْدَع المال صدعين ثُمَّ خيِّره» ، أي شقّه نصفين ثم خَيّره ، فإذا اختار أحد النّصفين فلا تَعرِضنّ لما اختار ، ثم اصدع النصف الّذي ما ارتضاه لنفسه صَدْعين وخيِّره ، ثم لا تزال تفعل هكذا حتى تُبقِيَ من المال بمقدار الحقّ الَّذي عليه ، فاقبِضه منه ، فإن استَقالك فأقلهُ ، ثم اخلط المال ، ثم عُدْ لمثل ما صنعتَ حتى يرضى ، وينبغي أن يكون المعِيبات الخمس وهي المَهْلوسة والمكْسورة وأخواتهما يخرجها المصدّق من أصل المال قبل قِسْمته ثم يقسم وإلاّ فربَّما وقعتْ في سهم المصدّق إذا كان يعتمد ما أمره به من صدع المال مرّة بعد مرّة .
والعوْد : المُسِنّ من الإبل ، والهرمة المسِنّة أيضا ، والمكسورة الّتي أحد قوائمها مكسورة العظم أو ظهرها مكسورة ، والمهْلوسة : المريضة قد هَلَسها المرض وأفَنى لحمها ، والهُلاس : السلّ . والعَوار ، بفتح العين : العَيْب ، وقد جاء بالضّم . والمعنِّف : ذو العُنْف بالضم وهو ضِدّ الرِّفْق . والُمجحِف : الذي يسوق المال سوْقا عنيفا فيجحف به أي يهلكه أو يذهب كثيرا من

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 212829
صفحه از 800
پرینت  ارسال به