الشّرْحُ:
ما لم تغُبوا عنه ، أي لم تسهوا عنه ولم تغفلوا ، يقال : غبيتُ عن الشيء أغبى غباوة ؛ إذا لم يفطُن ، وغَبِي الشيءُ عليّ كذلك إذا لم تعرفه ، وفلان غبيّ على «فعيل» ، أي قليل الفِطْنة ، وقد تَغَابى ؛ أي تغافل ؛ يقول لهم : قد كان من خروجكم يومَ الجمل عن الطاعة ، ونشرِكم حبلَ الجماعة ، وشقاقِكم لِي ما لستم أغبياء عنه ، فغفرت ورفعت السيف ، وقبلت التوبة والإنابة . والمدبر هاهنا : الهارب . والمقبِل : الّذي لم يفرّ لكن جاءنا فاعتذر وتنصّل .
ثم قال : فإن خطت بكم الأُمور ، خطا فلان خُطْوة يخطُو ، وهو مقدار ما بين القَدمين ، فهذا لازم ، فإن عدّيتَه ، قلت : أخطيت بفلان ، وخطوت به ، وهاهنا قد عدّاه بالباء .
والمردية : المهلكة . والجائرة : العادلة عن الصواب . والمنابذة ، مفاعلة ، من نبذتُ إليه عهدَه أي ألقيتَه وعدلت عن السِّلم إلى الحرب ، أو من نبذت زيدا ، أي اطّرحته ولم أحفل به .
قوله : «قرّبت جيادي» ، أي أمرت بتقريب خيلي إليّ لأركب وأسير إليكم . ورحلت ركابي ، الرّكاب الإبل ، ورحلتها : شددت على ظهورها الرَّحل . كلَعقة لاعق ، مثل يضرب للشيء الحقير التافه ، ويروى بضم اللام ، وهي ما تأخذه المِلْعقة .
ثم عاد فقال مازجا الخشونَة باللِّين : مع أني عارف فضلَ ذي الطاعة منكم ، وحقّ ذي النصيحة ، ولو عاقبت لما عاقبت البريء بالسقيم ، ولا أخذت الوفيّ بالناكث .
30
الأصْلُ:
۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى معاويةفَاتَّقِ اللّهَ فِيَما لَدَيْكَ ، وَانْظُرْ فِي حَقِّهِ عَلَيْكَ ، وَارْجِعْ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا لاَ تُعْذَرُ بَجَهَالَتِهِ ، فَإِنَّ لِلطَّاعَةِ أَعْلاَماً وَاضِحَةً ، وَسُبُلاً نَيِّرَةً ، وَمَحَجَّةً نَهْجَةً ، وَغَايَةً مُطَّلَبَةً ، يَرِدُهَا الأكيَاسُ ، وَيُخَالِفُهَا الأنكَاسُ ؛ مَنْ نَكَبَ عَنْهَا جَارَ عَنِ الْحَقِّ ، وَخَبَطَ فِي التِّيهِ ،