قليلة . فأما في الحزن فلا يقال إلاّ وَجَدت أنا ، بالفتح لا غير . والجَهد : الطاقة ، أي لم استبطئك في بذل طاقتك ووسعك ، ومن رواها الجَهْد بالفتح فهو من قولهم : اجهد جَهدك في كذا ، أي ابلغ الغاية ، ولا يقال هذا الحرف هاهنا إلاّ مفتوحا .
ثمّ طيّب عليه السلام نفسه بأن قال له : لو تمّ الأمر الذي شرعت فيه من ولاية الأشتر مصرلعوّضتك بما هو أخفّ عليك مؤونة وثقلاً ، وأقلّ نصبا من ولاية مصر ؛ لأنّه كان في مصر بإزاء معاوية من الشام وهو مدفوع إلى حربه . ثم أكّد عليه السلام ترغيبه بقوله : «وأعجب إليك ولاية» .
فإن قلت : ما الذي بيده ممّا هو أخفّ على محمد مؤونة وأعجب إليه من ولاية مصر؟
قلت : ملْك الإسلام كلُّه كان بيد علي عليه السلام إلاّ الشام ، فيجوز أن يكون قد كان في عزمه أن يولّيَه اليمن أو خراسان أو أرمينيَة أو فارس .
ثم أخذ في الثناء على الأشتر وكان علي عليه السلام شديد الاعتضاد به ، كما كان هو شديد التحقّق بولايته وطاعته . وناقما ، من نقمت على فلان كذا ، إذا أنكرته عليه وكرهته منه . ثم دعا له بالرضوان ؛ ولست أشك بأنّ الأشتر بهذه الدعوة يغفر اللّه له ويكفّر ذنوبه ، ويدخله الجنّة ، ولا فرق عندي بينها وبين دعوة رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، ويا طُوبَى لمن حصل له من علي عليه السلام بعض هذا .
قوله : «فأصْحَر لعدوّك» ، أي ابرز له ولا تستتر عنه بالمدينة التي أنت فيها ، أصحر الأسدُ من خِيسه ، إذا خرج إلى الصحراء . وشمر فلان للحرب ، إذا أخذ لها أُهبتَها .
35
الأصْلُ:
۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى عبدللّه بن العباس بعد مقتل محمّد بن أبي بكرأَمَّا بَعْدُ ، فَإِنَّ مِصْرَ قَدِ افْتُتِحَتْ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ـ رَحِمَهُ اللّهُ ـ قَدِ اسْتُشْهِدَ ، فَعِنْدَ اللّهِ نَحْتَسِبُهُ وَلَداً نَاصِحاً ، وَعَامِلاً كَادِحاً ، وَسَيْفاً قَاطِعاً ، وَرُكْناً دَافِعاً .