من ألفاظ الكتاب كقوله : «أشركتك في أمانتي ، وجعلتك بطانتي وشعاري ، وأنه لم يكن في أهلي رجل أوثق منك» . وقوله : «على ابن عمّك قد كلب» ، ثم قال ثانيا : «قلبتَ لابن عمّك ظهر الِمجَنّ» ، ثم قال ثالثا : «ولا ابن عمك آسيت» ؛ وقوله : « لا أبا لغيرك » ، وهذه كلمة لا تقال إلاّ لمثله ، فأمّا غيره من أفناء الناس ، فإنّ علياً عليه السلام كان يقول : لا أبا لك .
وقوله : « أيها المعدود كان عندنا من أولي الألباب » . وقوله : « لو أنّ الحسن والحسين عليهماالسلام » ، وهذا يدلّ على أنّ المكتوب إليه هذا الكتاب قريب من أن يجري مجراهما عنده .
وقال آخرونَ وهم الأقلون : هذا لم يكن ، ولا فارق عبدُ اللّه بن عباس عليّا عليه السلام ، ولا باينه ولا خالفه ، ولم يزل أميرا على البصرة إلى أن قتل عليّ عليه السلام . وهذا عندي هو الأمثل والأصوب .
وقد قال الراوندي : المكتوب إليه هذا الكتاب هو عبيد اللّه بن العباس ، لا عبد اللّه .
وليس هذا بصحيح ؛ فإنّ عبيد اللّه كان عامل علي عليه السلام على اليمن ، ولم ينقل عنه أنّه أخذ مالاً ، ولا فارق طاعة .
وقد أشكل عليَّ أمرُ هذا الكتاب ، فإن أنا كذّبت النقل وقلتُ : هذا كلام موضوع على أمير المؤمنين عليه السلام ، خالفتُ الرواة ، فإنهم قد أطبقوا على رواية هذا الكلام عنه ، وقد ذكِر في أكثر كتب السيَر . وإن صرفته إلى عبد اللّه بن عباس صدني عنه ما أعلمه من ملازمته لطاعة أمير المؤمنين عليه السلام في حياته وبعد وفاته . وإن صرفته إلى غيره لم أعلم إلى مَنْ أصرفه من أهل أمير المؤمنين عليه السلام ؛ والكلامُ يشعر بأنّ الرجل المخاطب من أهله وبني عمه ، فأنا في هذا الموضع من المتوقّفين ۱ !