277
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

دون البلوغ وإذا بلغ زالَ اسمُ اليتيم عنه . واليتامى أحد الأصناف الّذين عُيّنوا في الخُمس بنصّ الكتاب العزيز .
ثم أوصى بالجيران ، واللفظ الذي ذكره عليه السلام قد ورد مرفوعا في رواية عبد اللّه بن عمر لمّا ذبح شاة ، فقال : أهْدَيتُم لجارنا اليهوديّ ؟ فإنّي سمعت رسولَ اللّه صلى الله عليه و آله وسلم يقول : «ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه» .
قوله عليه السلام : «واللّه اللّه في القرآن» ، أمرهما بالمسارعة إلى العمل به ، ونهاهما أن يسبقهما غيرُهما إلى ذلك ، ثم أمرهما بالصلاة والحجّ . وشدّد الوَصاة في الحجّ ، فقال : «فإنّهُ إن تُرك لم تناظروا» ، أي يتعجّل الانتقام منكم .
فأما المثلة فمنهيّ عنها ، أمر رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم أن يمثّل بهبّار بن الأسود ؛ لانه روّع زينب حتّى أجهضتْ ، ثم نهى عن ذلك ، وقال : لا مُثْلة ، المثلة حرام .

48

الأصْلُ:

۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى معاويةفإِنَّ الْبَغْيَ وَالزُّورَ يُوتِغَانِ الْمَرْءَ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ ، وَيُبْدِيَانِ خَلَلَهُ عِنْدَ مَنْ يَعِيبُهُ ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّكَ غَيْرُ مُدْرِكٍ مَا قُضِيَ فَوَاتُهُ ، وَقَدْ رَامَ أَقْوَامٌ أَمْراً بِغَيْرِ الْحَقِّ فَتَأَلّوْا عَلَى اللّهِ فَأَكْذَبَهُمْ ، فَاحْذَرْ يَوْماً يَغْتَبطُ فِيهِ مَنْ أَحْمَدَ عَاقِبَةَ عَمَلِهِ ، وَيَنْدَمُ مَنْ أَمْكَنَ الشَّيْطَانَ مِنْ قِيَادِهِ فَلَمْ يُجَاذِبْهُ ، وَقَدْ دَعَوْتَنَا إِلَى حُكْمِ الْقُرْآنِ وَلَسْتَ مِنْ أَهْلِهِ ، وَلَسْنَا إِيَّاكَ أَجَبْنَا ، وَلَكِنَّا أَجَبْنَا الْقُرْآنَ فِي حُكْمِهِ ، وَالسَّلاَمُ ۱ .

1.البغي : الظلم . الزور : خلاف الحق . أدرك الشيء : إذا لحقه . فات : مضى . رام : طلب .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
276

وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ ؛ فَيُوَلَّى عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ ، ثُمَّ تَدْعُونَ فَـلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ .
ثمّ قال:
يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، لاَ أُلْفِيَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ خَوْضاً ، تَقُولُونَ : قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ، قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ! أَلاَ لاَ تَقْتُلُنَّ بِي إِلاَّ قَاتِلِي .
انْظُرُوا إِذَا أَنَا مِتُّ مِنْ ضَرْبَتِهِ هذِهِ ، فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً بِضَرْبَةٍ ، وَلاَ تُمَثِّلوا بِالرَّجُلِ ؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى اللّهُ عليهِ وآلهِ يَقُولُ : «إِيَّاكُمْ وَالْمُثْلَةَ وَلَوْ بَالْكَلْبِ الْعَقُورِ» .

الشّرْحُ:

روي : «واعملا للآخرة» ، وروي «فلا تغيّروا أفواهكم» ؛ يقول : لا تطلبا الدّنيا وإن طلبتْكما ؛ فإذا كان مَنْ تطلبه الدنيا منهيّا عن طلبها فمن لا تطلبه يكون منهيا عن طلبها بالطريق الأولى .
ثم قال : «ولا تأسفا على شيء منها زُوِي عنكما» ، أي قبض . وروي : «ولا تأسيا» ؛ وكلاهما بمعنى واحد ، أي لا تحزنا ، وهذا من قوله تعالى : «لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ»۱ .
قوله : «صلاح ذات البين» ، وذات هاهنا زائدة مقحمة . قوله : «فلا تُغبّوا أفواههم» ، أي لا تجيعوهم بأن تطعموهم غِبّا ، ومن روى : «فلا تغيّروا أفواههم» ؛ فذاك لأنّ الجائع يتغيّر فمه . «ولا تُضَيِّعُوا بحضْرتكم» ، أي لا تضيّعوهم ، فالنهي في الظاهر للأيتام ؛ وفي المعنى للأوصياء والأولياء ، والظاهر أنه لا يعني الأيتام الذين لهم مال تحت أيدي أوصيائهم ؛ لأنّ أولئك الأوصياء محرّم عليهم أن يصيبوا من أموال اليتامى إلاّ القَدْر النَّزْر جدّا عند الضرورة ثم يقضونه مع التمكّن ، ومَنْ هذه حالُه لا يحسن أن يقال له : لا تغيّروا أفواه أيتامكم ، وإنما الأظهرُ أنّه يعني الّذين مات آباؤهم وهم فقراء يتعيّن مواساتهم ويقبح القعود عنهم ، واليُتْم في النّاس من قِبَل الأبِ ، وفي البهائم من قِبَل الأمّ ؛ وجُمع يتيم على أيتام ، كما قالوا : شريف وأشراف . وحكى أبو عَليّ في التَّكْملة : «كميء وأكماء» ، ولا يسمّى الصبيّ يتيما إلاّ إذا كان

1.سورة الحديد ۲۳ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 212923
صفحه از 800
پرینت  ارسال به