الشّرْحُ:
هذا الكلام يُمكن أن يُحمَل على حقيقته ، ويمكن أن يُحمَل على مَجازه ، فإنْ حُمِل على حقيقته فقد ذهب إلى هذا المذهب كثيرٌ من الفقهاء ، وهو مَذهَب الإماميّة ، وهو أنّه لا يصحّ التنفّل ممّن عليه قضاءُ فريضة فاتتْه لافي الصلاة ولا في غيرها ؛ وأمّا إذا حُمِل على مَجازه ، فإنّ معناه يجب الابتداء بالأهمّ وتقديمُه على ما ليس بأهمّ ، فتَدخُل هذه الكلمة في الآداب السلطانيّة والإخوانيّة ، وحَمْلُ الكلمة على حقيقتها أولَى ؛ لأنّ اهتمام أميرِ المؤمنين عليه السلام بالأمور الدينيّة والشرعيّة في وصاياه ومنثور كلامِه أعظمُ .
40
الأصْلُ:
۰.لِسَانُ الْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ ، وَقَلْبُ الْأَحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ .
قال الرضي رحمه الله :
وهذا مِنَ المَعَاني العَجيبةِ الشريفةِ ، والمُرَاد بهِ أنَّ العاقلَ لا يُطْلقُ لسانَهُ ، إلاّ بَعْدَ مشاورةِ الرَّويَّة ومؤامرةِ الفكرةِ ، والأحمقُ تَسبقُ حذفاتُ لسانِهِ وفلتاتُ كلامهِ مراجعةَ فِكرِهِ ، ومماخَضَةَ رأيهِ . فكأنّ لسانَ العاقلِ تابعٌ لقلبِهِ ، وكأنَّ قلبَ الأحمقِ تابعٌ للِسانِهِ .
قال : وقد روي عنه عليه السلام هذا المعنى بلفظ آخر ، وهو قوله : « قَلبُ الْأَحْمَقِ فِي فِيهِ ، وَلِسَانُ الْعَاقِلِ فِي قَلْبِهِ» ومعناهما واحد .
الشّرْحُ:
قد تقدّم القولُ في العَقل والحُمق ، ونذكر هاهنا زِياداتٍ أُخرى . قالوا : كلّ شيء يَعِزّ إذا قَلّ ، والعقل كلَّما كان أكثرَ كان أعزّ وأغلى .
قيل لبعضهم : ما جِماعُ العَقل ؟ فقال : ما رأيتُه مجتمِعا في أحد فأصِفَه ، وما لا يوجد