433
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

يَظُنُّونَ ، وَاغْفِرْ لِي مَا لاَيَعْلَمُونَ!

الشّرْحُ:

قد تقدّم القولُ في كراهِيَة مَدْحِ الإنسان في وجهه . وفي الحديثِ المرفوعِ : «إذا مدحْتَ أخاك في وجهِه ، فكأنّما أمرَرْتَ على حَلْقِه مُوسَى وَمِيضه» . وقال أيضا لرجلٍ مَدَح رجلاً في وجهه : «عَقَرْتَ الرجلَ عَقَرك اللّه ! » . وقال أيضا : «لو مَشَى رجلٌ إلى رجل بسَيْف مرهَفٍ كان خيراً له من أن يُثنِيَ عليه في وجهه» .

97

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :لاَ يَسْتَقِيمُ قَضَاءُ الْحَوَائِجِ إِلاَّ بِثَـلاَثٍ : بِاسْتِصْغَارِهَا لِتَعْظُمَ ، وَبِاسْتِكْتَامِهَا لِتَظْهَرَ ، وَبِتَعْجِيلِهَا لِتَهْنُؤَ .

الشّرْحُ:

قد تَقدَّم لنا قَوْلٌ مستقصىً في هذا النحو ، وفي الحوائج وقضائِها واستنجاحِها .
قد جاء في الحديث المرفوع : «استعِينوا على حاجاتكم بالكِتمان ، فإنّ كلّ ذي نِعْمة محسود » . وكان يقال : لكلّ شيء أسٌّ ، وأُسُّ الحاجة تعجيلٌ أروَحُ من التأخير .
وقال رجلٌ لمحمّد بن الحنفيّة : جئتُك في حُوَيْجة ، قال : فاطلب لها رُجَيْلاً!
وكان يقال : من استَعظَم حاجَة أخِيه إليه بعد قضائها امتنانا بها فقد استَصْغَر نفسَه .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
432

95

الأصْلُ:

۰.وَقَالَ عليه السلام وَقَدْ سمع رجلاً يقول : «إِنَّا للّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» .
إِنَّ قَوْلَنَا : «إِنَّا للّهِ» إِقْرَارٌ عَلَى أَنْفُسِنَا بِالْمُلْكِ ، وقولَنَا : «وإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» إِقْرَارٌ عَلَى أَنْفُسِنَا بِالْهُلْكِ .

الشّرْحُ:

قوله : «إنّا للّهِِ» اعترافٌ بأنّا مملوكون للّه وعبيدٌ له ؛ لأنّ هذه اللامَ لامُ التمليك ، كما تقول : الدارُ لِزَيد ؛ فأمّا قولُه : «وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ»۱ ؛ فهو إقرار واعترافٌ بالنّشور والقيامة ؛ لأنّ هذا هو معنى الرّجوع إليه سبحانه ، واقتَنَع أميرُ المؤمنين عن التصريح بذلك ، فذَكَر الهُلْك ، فقال : إنّه إقرارٌ على أنفُسنا بالهُلْك ؛ لأنّ هُلْكنا مُفضٍ إلى رجوعِنا يومَ القيامة إليه سبحانه ، فعبّر بمقدّمة الشيء عن الشيء نفسه ، كما يقال : الفقرُ المَوْت ، والحمَّى الموت ، ونحو ذلك .
ويُمكِن أن يفسّر ذلك على قول مُثبِتي النّفس الناطِقة بتفسيرٍ آخر فيقال : إنّ النفس ما دامت في أسْرِ تدابير البَدَن فهي بمَعزِل عن مبادئها ؛ لأنّها مشتغِلةٌ مستغرِقة بغير ذلك ، فإذا مات البَدَن رجعت النفسُ إلى مَبادِئها ، فقوله : «وَإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ» إقرارٌ بما لا يصحّ الرجوع بهذا التفسير إلاّ مَعَه ، وهو الموت المعبّر عنه بالهُلْك .

96

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام و [ قد ] مدحه قوم في وجهه :اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَعْلَمُ بِي مِنْ نَفْسِي ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْهُمْ . اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي خَيْراً مِمَّا

1.سورة البقرة ۱۵۶ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 212801
صفحه از 800
پرینت  ارسال به