يَخْشَعُ لَهُ الْقَلْبُ ، وَتَذِلُّ بِهِ النَّفْسُ ، وَيَقْتَدِي بِهِ الْمُؤْمِنُونَ .
الشّرْحُ:
قد تقدم القولُ في هذا الباب ، وذكَرْنا أنّ الحكماء والعارفين فيه على قسمين : منهم من آثر لبسَ الأدْنى على الأعلى ، ومنهم من عكس الحال ، وكان عمرُ بنُ الخطاب من أصحاب المذهب الأوّل ، وكذلك أميرُ المؤمنين ، وهو شِعار عيسى بن مريمَ عليه السلام ، كان يلبسُ الصوف وغليظ الثياب ، وكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلميلبس النَّوعين جميعا ، وأكثر لُبسِه كان الجيّد من الثياب مِثل أبراد اليمن ، وما شاكل ذلك ، وكانت مِلحفتُه مورَّسَةً حتى إنها لترتدِع على جِلده كما جاء في الحديث . ورُئيَ محمّد بن الحنفية عليه السلام واقفا بعرفات على بِرذون أصفر ، وعليه مُطْرَف خزٍّ أصْفر . وجاء فَرْقَد السَّبَخِيّ إلى الحسن ۱ وعلى الحسَن مُطرف خَزٍّ ، فجعل يَنظُر إليه وعلى فَرْقد ثيابُ صوف ، فقال الحسن : ما بالُك تنظُر إليّ وعليّ ثيابُ أهلِ الجنّة ، وعليك ثيابُ أهلِ النار ! إن أحَدكم ليَجْعل الزهد في ثيابه والكِبْرَ في صَدْره ، فلَهُو أشدُّ عجبا بصوفه من صاحِبِ المُطرَف .
وقال ابن السمَّـاك لأصحاب الصّوف : إن كان لباسُكم هذا مُوافِقا لسرائِركم فلقد أحببتم أن يطّلع الناسُ عليها ، ولئن كان مخالفا لها لقد هَلَكتم .
100
الأصْلُ:
۰.إِنَّ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ عَدُوَّانِ مُتَفَاوِتَانِ ، وَسَبِيلاَنِ مُخْتَلِفَانِ ؛ فَمَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا وَتَوَلاَّهَا أَبَغَضَ الآخِرَةَ وَعَادَاهَا ، وَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَمَاشٍ بَيْنَهُمَا كُلَّمَا قَرُبَ مِنْ وَاحِدٍ بَعُدَ مِنَ الآخَرِ ، وَهُمَا بَعْدُ ضَرَّتَانِ .