435
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

يَخْشَعُ لَهُ الْقَلْبُ ، وَتَذِلُّ بِهِ النَّفْسُ ، وَيَقْتَدِي بِهِ الْمُؤْمِنُونَ .

الشّرْحُ:

قد تقدم القولُ في هذا الباب ، وذكَرْنا أنّ الحكماء والعارفين فيه على قسمين : منهم من آثر لبسَ الأدْنى على الأعلى ، ومنهم من عكس الحال ، وكان عمرُ بنُ الخطاب من أصحاب المذهب الأوّل ، وكذلك أميرُ المؤمنين ، وهو شِعار عيسى بن مريمَ عليه السلام ، كان يلبسُ الصوف وغليظ الثياب ، وكان رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلميلبس النَّوعين جميعا ، وأكثر لُبسِه كان الجيّد من الثياب مِثل أبراد اليمن ، وما شاكل ذلك ، وكانت مِلحفتُه مورَّسَةً حتى إنها لترتدِع على جِلده كما جاء في الحديث . ورُئيَ محمّد بن الحنفية عليه السلام واقفا بعرفات على بِرذون أصفر ، وعليه مُطْرَف خزٍّ أصْفر . وجاء فَرْقَد السَّبَخِيّ إلى الحسن ۱ وعلى الحسَن مُطرف خَزٍّ ، فجعل يَنظُر إليه وعلى فَرْقد ثيابُ صوف ، فقال الحسن : ما بالُك تنظُر إليّ وعليّ ثيابُ أهلِ الجنّة ، وعليك ثيابُ أهلِ النار ! إن أحَدكم ليَجْعل الزهد في ثيابه والكِبْرَ في صَدْره ، فلَهُو أشدُّ عجبا بصوفه من صاحِبِ المُطرَف .
وقال ابن السمَّـاك لأصحاب الصّوف : إن كان لباسُكم هذا مُوافِقا لسرائِركم فلقد أحببتم أن يطّلع الناسُ عليها ، ولئن كان مخالفا لها لقد هَلَكتم .

100

الأصْلُ:

۰.إِنَّ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ عَدُوَّانِ مُتَفَاوِتَانِ ، وَسَبِيلاَنِ مُخْتَلِفَانِ ؛ فَمَنْ أَحَبَّ الدُّنْيَا وَتَوَلاَّهَا أَبَغَضَ الآخِرَةَ وَعَادَاهَا ، وَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَمَاشٍ بَيْنَهُمَا كُلَّمَا قَرُبَ مِنْ وَاحِدٍ بَعُدَ مِنَ الآخَرِ ، وَهُمَا بَعْدُ ضَرَّتَانِ .

1.يعني به الحسن البصري .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
434

98

الأصْلُ:

۰.يَأتِي عَلَى النَّاس زَمَانٌ لاَ يُقَرَّبُ فِيهِ إِلاَّ الْمَاحِلُ ، وَلاَيُظَرَّفُ فِيهِ إِلاَّ الْفَاجِرُ ، وَلاَ يُضَعَّفُ فِيهِ إِلاَّ الْمُنْصِفُ ؛ يَعُدُّونَ الصَّدَقَةَ فِيهِ غُرْماً ، وَصِلَةَ الرَّحِمِ مَنّاً ، وَالْعِبَادَةَ اسْتِطَالَةً عَلَى النَّاس ! فَعِنْدَ ذلِكَ يَكُونُ السُّلْطَانُ بِمَشُورَةِ الإماء ، وَإِمَارَةِ الصِّبْيَانِ ، وَتَدْبِيرِ الْخِصْيَانِ .

الشّرْحُ:

الَمحْل : المكر والكَيْد ؛ يقال مَحَل به إذا سَعَى به إلى السلطان ، فهو ماحِلٌ ومَحُول ؛ والمُماحَلة المماكَرة والمكايدة . قوله : «وَلاَ يُظرَّف فيه إلاَّ الفاجر» ، لا يَعُدّ الناسُ الإنسانَ ظريفا إلاّ إذا كان خليعا ماجنا متظاهرا بالفِسق . وقولُه : «ولا يضعَّف فيه إلاّ المنصِف» ، أي إذا رأوا إنسانا عنده وَرَع وإنصاف في معاملتهِ الناسَ عدوُّه ضعيفا ، ونَسَبوه إلى الرِّكّة والرَّخاوة ، وليس الشَّهم عندهم إلاّ الظالم .
ثم قال : «يعُدّون الصدقة غُرْماً» ، أي خسارة ، ويَمُنُّون إذا وَصَلوا الرَّحِم وإذا كانوا ذوي عِبادة استطالوا بها على الناس وتبجّحوا بها ، وأعجبتهم أنفسهم ، واحتقروا غيرهم .
قال : فعند ذلك يكون السلطان والحُكم بين الرعايا بمشورة الإماء ... إلى آخر الفصل ، وهو من باب الإخبار عن الغيوب وهي إحدى آياته، والمُعجِزات المختصّ بها دون الصّحابة.

99

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :وقدْ رُئي عليه إزار خَلَقٌ مرقوع ، فقيل له في ذلك ، فقال :

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 212905
صفحه از 800
پرینت  ارسال به