481
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

فإن قلت: فإذا لم يكن باديا لم يكن ظالما، فأيّ حاجة له إلى الاحتراز بقوله: « البادي »؟
قلتُ : لأنّ العرب تُطلِق على ما يَقَع في مُقابلة الظلم اسم ( الظلم ) أيضا كقوله تعالى : «وَجَزاءُ سيئةٍ سيئةٌ مِثلُها»۱ .

154

الأصْلُ:

۰.الرَّحِيلُ وَشِيكٌ .

الشّرْحُ:

الوشيكُ : السريع ، وأراد بالرحيل هاهنا الرّحيل عن الدنيا وهو الموت .
وقال بعضُ الحكماء : قبل وجود الإنسان عدم لا أوّل له ، وبعدَه عدَم لا آخر له ، وما شبّهت الوجود القليل المتناهي بين العدمين الغير متناهِيَين إلاّ ببَرْق يخطَف خَطفة خفيفةً في ظلامٍ مُعتكر ، ثم يخمد ويَعود الظّلام كما كان .

155

الأصْلُ:

۰.مَنْ أَبْدَى صَفْحَتَهُ لِلْحَقِّ هَلَكَ .

1.سورة الشورى ۴۰ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
480

الشّرْحُ:

هذه كلمةٌ قد قالها مراراً ، إحداهنّ في وقعة النّهروان .
وكُذِبت بالضم أُخْبِرْت بخبَر كاذب ، أي لم يخبرني رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم عن المخدَج خبرا كاذبا ؛ لأنّ أخبارَه صلى الله عليه و آله وسلم كلها صادقة . وضلّ بي بالضمّ نحو ذلك ، أي لم يُضلِلني مضلّل عن الصدق والحقّ ؛ لأنّه كان يَسْتنِد في أخباره عن الغيوب إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم وهو منزَّه عن إضلاله وإضلال أحد من المكلفين . فكأنَّه قال ـ لما أخبرهم عن المخدَج ۱ وإبطاء ظهورِه لهم ـ : أنا لم أكذِب على رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، ورسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم لا يكذب فيما أخبرني بوقوعه ، فإذا لابدّ من ظفَركم بالمخدَج فاطلبوه .

153

الأصْلُ:

۰.لِلظَّالِمِ الْبَادِي غَداً بِكَفِّهِ عَضَّةٌ .

الشّرْحُ:

هذا من قوله تعالى : «ويوم يَعَضُّ الظالمُ عَلَى يَدَيهِ»۲ ، وإنما قال : « للبادي » ؛ لأنّ من انتصر بعد ظُلْمه فلا سبيل عليه . ومن أمثالهم : البادي أظلم .

1.المخدَج : ناقص اليد ؛ وهو ذو الثدية . وقيل : هو (شيطان الرَّدْهة) . وروَوْا : أن ذا الثدية لم يُقتل بسيف ، ولكنّ اللّه رماه يوم النهروان بصاعقة وإليها أشار الإمام عليه السلام بقوله : « فقد كفيته بصعْقة سُمعت له وَجْبة قلبه » شرح النهج ۱۳:۱۸۳ . وروى جميع أهل السِّير : أنّ علياً عليه السلام لما طحن القوم ، طلب ذا الثدية طلباً شديداً ، وقلّب القتلى ظهراً لبطن ، فلم يقدر عليه ، فساءه ذلك ، وجعل يقول : واللّه ما كذبت ولا كُذبْت ، اطلبوا الرجل ، وإنّه لفي القوم ؛ فلم يزل يتطلّبه حتى وجده ، وهو رجل مُخْدَج اليد ، كأنها ثديٌ في صدره . وروي أنه عليه السلام لما عثروا عليه ، جعل علي عليه السلام ينادي : « صدق اللّه وبلَّغ رسوله » شرح النهج ۲:۲۷۵ . وروت عائشة عن النبي صلى الله عليه و آله وسلم قوله : « يقتله خير أُمتي من بعدي » ص ۲۸۶ .

2.سورة الفرقان ۲۷ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 213025
صفحه از 800
پرینت  ارسال به