507
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

الشّرْحُ:

قد ذكرْنا هذا فيما تقدّم ۱ حيث شرحْنا بيعة المسلمين لعليّ عليه السلام كيف وقعتْ بعدَ مَقتل عثمانَ ، ولقد أحسنَ فيما قال لهما لمّا سألاه أن يُشرِكَاه في الأَمْر ، فقال : أمّا المُشارَكة في الخلافة فكيف يكون ذلك ؟ وهل يصحُّ أن يدبّر أمرَ الرعيّة إمامان .
وهل يُجْمَع السَّيفَان ويحك في غمْد
وإنما تُشرِكاني في القوّة والاستعانة أي إذا قوِيَ أمرِي وأمرُ الإسلام بي قوِيتما أنتما أيضا ، وإذا عجزتُ عن أمر أو تأوّد عليَّ أمر ـ أي اعوَجَّ ـ كنتما عَوْنين لي ومساعِدَين على إصلاحهِ . فإن قلت : فما معنى قوله : «والاستعانة» .
قلتُ الاستعانة هاهنا الفوزُ والظّفَرُ ۲ .

199

الأصْلُ:

۰.أَيُّهَا النَّاسُ ، اتَّقُوا اللّهَ الَّذِي إِنْ قُلْتُمْ سَمِعَ ، وَإِنْ أَضْمَرْتُمْ عَلِمَ ، وَبَادِرُوا الْمَوْتَ الَّذِي إِنْ هَرَبْتُمْ مِنْهُ أَدْرَكَكُمْ ، وَإِنْ أَقَمْتُمْ أَخَذَكُمْ ، وَإِنْ نَسِيتُمُوهُ ذَكَرَكُمْ ۳ .

الشّرْحُ:

قد تقدّم منّا كلامٌ كثير في ذكر الموت ؛ ورأى الحَسَنُ البَصريُّ رجلاً يجود بنفْسه ، فقال : إنّ أمْراً هذا آخرُه لجدير أن يُزهَد في أوّله ، وإن أمراً هذا أوّله لجدِيرٌ أن يُخَاف مِن آخره .

1.تقدّم في شرح الخطبة (۹۱) ، فراجع ۷:۳۳ ـ ۴۳ من الأصل .

2.لأنّ الشركة في الخلافة بدعة في الإسلام ، ودعوة للفساد في الأرض ففي « الأحكام السلطانية » : « لا يجوز عقد الإمامة لاثنين » ، وفي « أُصول الكافي » : « لا يكون في الارض إمامان إلاّ واحد صامت » .

3.بادروا الموت : استعدوا له بالتقوى والعمل الصالح .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
506

197

الأصْلُ:

۰.إِنَّ مَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ مَلَكَيْنِ يَحْفَظَانِهِ ، فَإِذَا جَاءَ الْقَدَرُ خَلَّيَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ ، وَإِنَّ الْأَجَلَ جُنَّةٌ حَصِينَةٌ .

الشّرْحُ:

قلنا : إنّهُ ذهب كثيرٌ من الحكماء هذا المَذهَب ، وإنّ للّه تعالى ملائكةً مُوَكَّلَةً تَحفَظُ البَشرَ من التردِّي في بئرٍ ، ومِن إصابةِ سَهْم معترِض في طريق ، ومن رَفْس دابّة ، ومن نَهْش حَيّة ، أو لَسْع عَقْرب ، ونحو ذلك . والشرائع أيضا قد وردتْ بِمثله وإنّ الأجل جُنّة ، أي دِرْع ، ولهذا في علم الكلام مخرَج صحيحٌ ، وذلك لأنّ أصحَابنا يقولون : إنّ اللّه تعالى : إذا عَلِم أنّ في بقاء زيدٍ إلى وقت كذا لُطْفا له أو لغيرِه من المكلَّفين صدَّ من يهمّ بقَتْله عن قتلِه بألطافٍ يفعَلها تصدّه عنه أو تَصرِفه عنه بصارف ، أو يَمنَعه عنه بمانع ، كي لا يَقطَع ذلك الإنسانُ بقَتْل زيدٍ الألطافَ الّتي يَعلَم اللّهُ أنّها مقرِّبة من الطاعة ، ومُبعِدة من المَعصِية لزيد أو لغيره ؛ فقد بان أنّ الأجل على هذا التقدير جُنّة حَصِينة لزيْد ، من حيثُ كان اللّه تعالى باعتبار ذلك الأجل مانعا من قتلِه وإبطال حياتِه ، ولا جُنّة ( وقاية ) أحصَنُ من ذلك .

198

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام ـ وقد قال له طلحة والزبير : نبايعك على أَنّا شركاؤُك في هذا الأَمر ـ : لاَ ، وَلكِنَّكُمَا شَرِيكَانِ فِي الْقُّوَّةِ وَالاْسْتَعَانَةِ ، وَعَوْنَانِ عَلَى الْعَجْزِ وَالْأَوَدِ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 218065
صفحه از 800
پرینت  ارسال به