533
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

239

الأصْلُ:

۰.اتَّقِ اللّهَ بَعْضَ التُّقَى وَإِنْ قَلَّ ؛ وَاجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللّهِ سِتْراً وَإِنْ رَقَّ .

الشّرْحُ:

يقال في المَثَل : ما لا يُدْرَك كلُّه لا يُتْرَك كلّه .
فالواجب على من عَسُرتْ عليه التّقوى بأجمعها أن يتقي اللّه في البعض ، وأن يجعل بينه وبينه سِتْرا وإن كان رَقيقا . وفي أمثال العامّة : إجعل بينك وبين اللّه رَوْزنة ۱ ، والرَّوْزَنة لفظة صحيحةٌ مُعَرَّبة ، أي لا تَجعل ما بينَك وبينه مَسْدودا مظلما بالكليّة .

240

الأصْلُ:

۰.إِذَا ازْدَحَمَ الْجَوَابُ ، خَفِيَ الصَّوَابُ .

الشّرْحُ:

هذا نحو أن يورد الإنسانُ إشكالاً في بعض المسائل النَّظَريّة بحضرةِ جماعةٍ من أهل النظر ، فيَتغالب القومُ ويتسابقون إلى الجواب عنه ، كلٌّ منهم يورِد ما خَطرَ له . فلا رَيْب أنّ الصواب يَخفى حينئذٍ ، وهذه الكلمة في الحقيقة أمر للنّاظر البَحّاث أن يتحرّى الإنصاف في بحثه ونظره مع رفيقه ، وألاّ يقصد المِراءَ والمغالَبة والقَهرَ .

1.الروزنة : الكوة . وفي المحكم لابن سيده : الخرق في أعلى السقف .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
532

وقَد روي ما يُناسِبَ هَذَا الكَلاَمَ عن النَبيِّ صلى الله عليه و آله وسلم ، ولا عَجَبَ أنْ يَشْتَبهَ الكَلامَانَ ، فإنّ مُسْتقاهُما من قَلِيبٍ ، وَمفْرغَهُما من ذَنوبٍ .

الشّرْحُ:

الذَّنُوب : الدلو المَلأى ، ولا يقال لها وهيَ فارغةٌ : ذَنُوب ، ومعنى الكلمة أن الدّار المبنيّة بالحجارة المَغْصوبة ولو بحَجَر واحد ، لابدّ أن يتعجّل خرابُها ، وكأنّما ذلك الحجَر رَهْن على حصول التخرّب ، أي كما أنّ الرَّهْن لابدّ أن يُفْتَكّ ، كذلك لابدّ لِما جُعل ذلك الحجرُ رَهْنا عليه أن يَحصُل .

238

الأصْلُ:

۰.يَوْمُ الْمَظْلُومِ عَلَى الظَّالِمِ ، أَشَدُّ مِنْ يَوْمِ الظَّالِمِ عَلَى الْمَظْلُومِ .

الشّرْحُ:

قد تقدّم الكلامُ في الظّلم مراراً .
وكان يقال : اذكُر عندَ الظّلم عدلَ اللّه تعالى فيكَ ، وعند القُدْرة قدرةَ اللّه تعالى عليك .
وإنّما كان يومُ المظلوم على الظالم أشدَّ من يومه على المظلوم ، لأنّ ذلك اليومَ يومُ الجزَاء الكُلّيّ ، والانتقام الأعظم ، وقُصارَى أمرِ الظالم في الدنيا أن يَقتُل غيرَه فيُمِيته مِيتةً واحدة ، ثمّ لا سبيل له بعد إماتته إلى أن يُدخِل عليه ألما آخَر ؛ وأمّا يومُ الجَزاء فإنّه يومٌ لا يموت الظالم فيه فيَستريح ، بل عذابُه دائمٌ متجدِّد ، نعوذ باللّه من سُخْطِهِ وعِقابه .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 212979
صفحه از 800
پرینت  ارسال به