561
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

ويجب أن يُحمل كلامُ أميرِ المؤمنين عليه السلام عليه ، وألاّ يُحمَل على ظاهره .

277

الأصْلُ:

۰.وروي أنَّه رُفِعَ إليه رجلان سرقا من مال اللّه ، أحدُهُما عَبدٌ من مال اللّه ، والآخر من عُرْضِ الناسِ ، فقال : أَمَّا هذَا فَهُوَ مِنْ مَالِ اللّهِ فَلاَ حَدَّ عَلَيْهِ ، مَالُ اللّهِ أَكَلَ بَعْضُهُ بَعْضاً ، وَأَمَّا الآخَرُ فَعَلَيْهِ الْحَدُّ الشَّدِيدُ . فقطع يده ۱ .

الشّرْحُ:

هذا مَذهَب الشّيعة أنّ عبد المَغنَم إذا سَرَق من المَغنَم لم يُقطَع ، فأمّا العبدُ الغريبُ إذا سَرَق من المَغنَم فإنّه يُقطَع إذا كان ما سَرَقه زائد عمّا يَستحِقّه من الغنيمة بمقدار الناصب الّذي يجب فيه القَطْع ، وهو رُبْع دينار .
فأمّا الفقهاء فإنّهم لا يُوجِبون القَطْع على مَنْ سَرَق من مال الغنيمة قبل قِسْمَتها ، سواءٌ كان ما سَرَقه أكثر من حَقِّه أو لم يكن .

278

الأصْلُ:

۰.لَوْ قَدِ اسْتَوَتْ قَدَمَايَ مِنْ هذِهِ الْمَدَاحِض لَغَيَّرْتُ أَشْيَاءَ ۲ .

1.( عبد من مال اللّه ) : أي غير مملوك لأحد من الناس . بل هو جزء من بيت مال المسلمين . و ( عبد من عُرض الناس ) : أي ملك لأحد الناس . والأول لا يحد ، والآخر يحدّ بالشروط التي ذكرها الفقهاء .

2.المداحض : المزالق ، يريد الفتن التي أثارها الناكثون والقاسطون والمارقون . والمعنى لو استقامت الأُمور للإمام كما ينبغي لقلب الأوضاع الفاسدة ، وغير التقاليد الممقوتة .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
560

276

الأصْلُ:

۰.وروي أنّهُ ذُكِر عندَ عُمر بن الخطاب في أيامه حَلْيُ الكعبةِ وكثرتُه ، فقال قومٌ : لو أخذتَهُ فجهَّزتَ به جيوشَ المسلمين ، كان أعظمَ للأجرِ ، وما تصنعُ الكعبةُ بالحَلْي ! فهمّ عمر بذلك ، وسأل عنه أمير المؤمنين عليه السلام ، فقال :
إِنَّ هذَا القُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله وسلم ، وَالْأَمْوَالُ أَرْبَعَةٌ ، أَمْوَالُ الْمُسْلِمِينَ فَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْوَرَثَةِ فِي الْفَرَائِض ، وَالْفَيْءُ فَقَسَّمَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ ، وَالْخُمُسُ فَوَضَعَهُ اللّهُ حَيْثُ وَضَعَهُ ، وَالصَّدَقَاتُ فَجَعَلَهَا اللّهُ حَيْثُ جَعَلَهَا ، وَكَانَ حَلْيُ الْكَعْبَةِ فِيهَا يَوْمَئِذٍ ، فَتَرَكَهُ اللّهُ عَلَى حَالِهِ ، وَلَمْ يَتْرُكْهُ نِسْيَاناً ، وَلَمْ يَخْفَ عَنْهُ مَكَاناً ، فَأَقِرَّهُ حَيْثُ أَقَرَّهُ اللّهُ وَرَسُولُهُ .
فقال له عمر : لولاك لافتضحنا . وترك الحلي بحاله ۱ .

الشّرْحُ:

هذا استدلال صحيح ، ويمكن أن يورد على وجهين :
أحدهما أن يقال : أصلُ الأشياء الحظْر والتحريم كما هو مَذهَب كثيرٍ من أصحابنا البغداديّين ؛ فلا يجوز التصرّف في شيء من الأموال والمنافِع إلاّ بإذن شرعيّ ؛ ولم يوجَد إذن شَرْعي في حَلْي الكَعْبة ، فبقينا فيه على حُكْم الأصل .
والوجه الثاني أن يقال : حَلْي الكعبة مال مختصّ بالكعبة ؛ هو جَارٍ مَجرى سُتور الكعْبة ، ومَجرَى باب الكَعْبة ، فكما لا يجوز التصرّف في ستُور الكعبة وبابها إلاّ بنصّ فكذلك حَلْي الكعبة ، والجامع بينهما الاختصاص الجاعلُ كلَّ واحد من ذلك كالجزء من الكعبة ، فعَلَى هذا الوجه يَنبغِي أن يكون الاستدلالُ .

1.خلاصة دليل الإمام عليه السلام ، بأن مصدر الحلال والحرام ، هو كتاب اللّه وسنة نبيّه صلى الله عليه و آله وسلم ، وسنة النبي هي قوله أو فعله أو تقريره . وحلي الكعبة وزينتها كانت على عهد رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم بمرأى منه وبمسمع ، لم يتصرّف به ، أو ينهى عنه ، فوجب إبقاؤه على ما كان .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 212931
صفحه از 800
پرینت  ارسال به