563
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

إلاّ ما كُتِب له ، ولن يَخرُج عبدٌ من الدّنيا حتى يأتيَه ما كُتِب له في الدنيا وهي راغمة» .

280

الأصْلُ:

۰.لاَتَجْعَلُوا عِلْمَكُمْ جَهْلاً ، وَيَقِينَكُمْ شَكّاً ، إِذَا عَلِمْتُمْ فَاعْمَلُوا ، وَإِذَا تَيَقَّنْتُمْ فَأَقْدِمُوا .

الشّرْحُ:

هذا نهيٌ للعلماء عن تَرْك العمل ؛ يقول : لا تجعلوا عِلمَكم كالجهل ، فإنّ الجاهل قد يقول : جَهِلتُ فلم أعمَل ، وأنتم فلا عُذْر لكم ، لأنّكم قد عَلِمتم وانكشفَ لكم سِرُّ الأمر ، فوَجَب عليكم أن تَعملوا ، ولا تجعَلوا عِلمَكم جَهْلاً ، فإنّ مَنْ عَلِم المنفعة في أمرٍ ولا حائل بينه وبينه ثم لم يأتِه كان سفيهاً .

281

الأصْلُ:

۰.الطَّمَعَ مُورِدٌ غَيْرُ مُصْدِرٍ ، وَضَامِنٌ غَيْرُ وَفِيٍّ ، وَرُبَّمَا شَرِقَ شَارِبُ الْمَاءِ قَبْلَ رِيِّهِ ، وَكُلَّمَا عَظُمَ قَدْرُ الشَّيْءِ الْمُتَنَافَس فِيهِ عَظُمَتِ الرَّزِيَّةُ لِفَقْدِهِ ، وَالْأَمَانِيُّ تُعْمِي أَعْيُنَ الْبَصَائِرِ ، وَالْحَظُّ يَأتِي مَنْ لاَ يَأتِيهِ ۱ .

1.ورد الماء : ذهب إليه ، وصدر عنه : عاد ورجع . والطامع يركض لاهثا وراء أطماعه فيهلك ولا يعود . شرِقَ أي غصّ . الحظُّ : التوفيق من اللّه سبحانه . ولا يأتي من يأتي إلاّ بعناية اللّه تعالى .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
562

الشّرْحُ:

لسنا نَشُكّ أنّه كان يَذهب في الأحكام الشرعيّة والقضايا إلى أشياءَ يُخالِف فيها أقوالَ الصّحابة ، وإنّما كان يَمنَعه من تغيُّر أحكام مَن تَقدَّمه اشتغالُه بحَرب البُغاة والخَوارج ، وإلى ذلك يشيرُ بالمَداحض الّتي كان يؤمِّل استواءَ قدمَيْه منها .

279

الأصْلُ:

۰.اعْلَمُوا عِلْماً يَقِيناً أَنَّ اللّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْعَبْدِ - وَإِنْ عَظُمَتْ حِيلَتُهُ ، وَاشْتَدَّتْ طِلْبَتُهُ ، وَقَوِيَتْ مَكِيْدَتُهُ - أَكْثَرَ مِمَّا سُمِّيَ لَهُ فِي الذِّكْرِ الْحَكِيمِ وَلَمْ يَحُلْ بَيْنَ الْعَبْدِ فِي ضَعْفِهِ وَقِلَّةِ حِيلَتِهِ ، وَبَيْنَ أَنْ يَبْلُغَ مَا سُمِّيَ لَهُ فِي الذِّكْرِ الْحَكِيمِ . وَالْعَارِفُ لِهذَا ، الْعَامِلُ بِهِ ، أَعْظَمُ النَّاس رَاحَةً فِي مَنْفَعَةٍ ، وَالتَّارِكُ لَهُ ، الشَّاكُّ فِيهِ أَعْظَمُ النَّاس شُغُلاً فِي مَضَرَّةٍ .
وَرُبَّ مُنْعَمٍ عَلَيْهِ مُسْتَدْرَجٌ بِالنُّعْمَى ، وَرُبَّ مُبْتَلىً مَصْنُوعٌ لَهُ بِالْبَلْوَى . فَزِدْ أَيُّهَا المستمع فِي شُكْرِكَ ، وَقَصِّرْ مِنْ عَجَلَتِكَ ، وَقِفْ عِنْدَ مُنْتَهَى رِزْقِكَ ۱ .

الشّرْحُ:

قال بعضُ الحكماء : وجدتُ أطْوَل الناس غمّا الحَسود ، وأهنأهم عيْشا القَنُوع ، وأصبَرَهم على الأَذى الحريص ، وأخفضهم عَيْشاً أرفَضُهم للدنيا ، وأعظمَهم ندامةً العالمُ المفرّط . وقيل لبعض الحكماء : ما الغِنَى ؟ قال : قلّةُ تمَنِّيك ، ورِضاكَ بما يَكْفِيك . ولذلك قيل : العيشُ ساعات تمرّ ، وخُطوب تَكُرّ . وجاء في الخبر المرفوع : «أجْملوا في الطلب ، فإنه ليست لعبدٍ

1.الذكر الحكيم : القرآن . والمراد منه : ليس للإنسان من الكرامة عند اللّه فوق ما نصّ عليه القرآن ولن يحول اللّه بين أحد وبين ما عُين في القرآن وإن اشتد طلب الأول ، وضعف حال الثاني . المستدرج : الذي يمدّ اللّه له بالنعمة ويمهله فلا يأخذه بالمعصية . المبتلى : الممتحن . مصنوع له : معتنى به .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 213027
صفحه از 800
پرینت  ارسال به