613
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

365

الأصْلُ:

۰.يَا أَسْرَى الرَّغْبَةِ ، أَقْصِرُوا ، فَإِنَّ الْمُعَرِّجَ عَلَى الدُّنْيَا لاَ يَرُوعُهُ مِنْهَا إِلاَّ صَرِيفُ أَنْيَابِ الْحِدْثَانِ . أَيُّهَا النَّاسُ ، تَوَلَّوا مِنْ أَنْفُسِكُمْ تَأدِيبَهَا ، وَاعْدِلُوا بِهَا عَنْ ضَرَاوَةِ عَادَاتِهَا ۱ .

الشّرْحُ:

ضرَى يضرِي ضِرايةً مِثل رمى يرمي رِماية ، أيّ جرَى وسالَ ، ذكره ابنُ الأعرابيّ ، وعليه ينبغي أن يُحمَل كلامُ أمير المؤمنين عليه السلام ؛ أي اعدِلُوا بها عن عاداتها الجارية ، مِن باب إضافة الصّفة إلى الموصوف . وقوله : «يا أسرَى الرغبة» كلمةٌ فصيحةٌ . وكذلك قوله : «لا يَرُوعُه منها إلاّ صَرِيفُ أنْياب الحِدْثان» ، وذلك لأنّ الفهَدْ إذا وَثَب والذِّئبَ إذا حَمل يَصرِف نابُه ، ويقولون لكلّ خَطْب وداهية جاءت ! تصرِفُ نابها . والصَّرِيف : صوتُ الأسنان إمّا عند رِعْدةٍ أو عند شِدَّة الغَضَب والحَنَق ، والحِرْص على الانْتقام ، أو نحو ذلك .
وقد تقدّم الكلامُ في الدّنيا والرغبةِ فيها ، وغَدْرِها وحوادِثها ، ووجوب العُدُول عنها ، وكسر عادِية عاداتِ السّوء المكتسبة فيها .

366

الأصْلُ:

۰.لاَ تَظُنَّنَّ بِكَلِمَةٍ خَرَجَتْ مِنْ أَحَدٍ سَوءاً وَأَنْتَ تَجِدُ لَهَا فِي الْخَيْرِ مُحْتَمَلاً .

1.أسْرَى : جمع أسير . والرّغبة : الطمع . أقصروا : كفّوا . المعرّج : المائل إليها ، أو المعوّل عليها . يروعه : يفزعه . الحدثان : المصائب والخطوب . الضِّراية : اللهج بالشيء والولوع به .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
612

363

الأصْلُ:

۰.وَعَزَّى قوماً عن ميت مات لهم فقال عليه السلام :إِنَّ هذَا الْأَمْرَ لَيْسَ لَكُمْ بَدَأَ ، وَلاَ إِلَيْكُمُ انْتَهَى ، وَقَدْ كَانَ صَاحِبُكُمْ هذَا يُسَافِرُ ؟ فَقَالُوا : نَعَم ، قَالَ : فَعُدُّوهُ فِي بَعْض سَفَرَاتِهِ ، فَإِنْ قَدِمَ عَلَيْكُمْ وَإِلاَّ قَدِمْتُمْ عَلَيْهِ ۱ .

364

الأصْلُ:

۰.أَيُّهَا النَّاسُ ، لِيَرَكُمُ اللّهُ مِنَ النِّعْمَةِ وَجِلِينَ ، كَمَا يَرَاكُمْ مِنَ النِّقْمَةِ فَرِقِينَ ! إِنَّهُ مَنْ وُسِّعَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ يَدِهِ ، فَلَمْ يَرَ ذلِكَ اسْتِدْرَاجاً ، فَقَدْ أَمِنَ مَخُوفاً ، وَمَنْ ضُيِّقَ عَلَيْهِ فِي ذَاتِ يَدِهِ ، فَلَمْ يَرَ ذلِكَ اخْتِبَاراً ، فَقَدْ ضَيَّعَ مَأْمُولاً ۲ .

الشّرْحُ:

قد تقدَّم القول في استدراج المترَف الغَنيّ ، واختبار الفقير الشّقيّ ، وأنه يجب على الإنسان وإن كان مشمولاً بالنّعمة أن يكون وَجِلاً ، كما يَجب عليه إذا كان فقيرا أن يكون شَكوراً صَبوراً .

1.المراد بالأمر هنا : الموت . والمعنى ، ليس الموت بالشيء الغريب الجديد ، فقد كان قبلكم ، ويبقى بعدكم ، فإن لم يعد هذا الميت فأنتم عليه قادمون لا محالة . في ظلال نهج البلاغة ۴:۴۲۳ .

2.وجلين : خائفين . فرقين : فزعين . المأمول : هنا الأجر والثواب .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 212944
صفحه از 800
پرینت  ارسال به