655
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

مُوسِرون في محلّة واحدة ، قَصَد واحدا منهم سائلٌ فرَدّه ، وقال له : اذهبْ إلى فلان ، فهو أَولَى بأن يتصدّق عليك منّي ، فإنّ هذه الكلمة تقال دائما . نَهَى عليه السلام عن قولِها وقال : فيكونَ واللّه كذلك ، أي أنّ اللّه تعالى يوفِّق ذلك الشخصَ الّذي أُحيلَ ذلك السائلُ عليه ، ويُيسّر الصّدَقة عليه ، ويُقوّي دواعيَه إليها ، فيَفعَلها فتكون كلمة ذلك الإنسان الأوّل قد صادفتْ قَدَراً وقَضاءً ، ووَقَع الأمر بمُوجَبِها .

431

الأصْلُ:

۰.إِنَّ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ أَهْلاً ، فَمَهْمَا تَرَكتُمُوهُ مِنْهُمَا كَفَاكُمُوهُ أَهْلُهُ .

الشّرْحُ:

يقول عليه السلام : إنْ عَنَّ لك بابٌ من أبواب الخير وتركتَه ، فسوف يَكفيكَه بعضُ الناس ممّن جَعَله اللّه تعالى أهلاً للخير وإسداءِ المعروفِ إلى الناس ، وإنْ عنّ لك بابٌ من أبواب الشرّ فتركْته ، فسوفَ يَكفيكَه بعضُ الناس ممّن جعلتْهم أنفسُهم وسوءُ اختيارِهم أهلاً للشرّ وأَذَىً الناس ؛ فاخترْ لنفسك أيّما أحبّ إليك ، أن تَحظَى بالَمحمَدة والثواب ، وتَفعل ما إن تركتَه فَعَلَه غيرُك وحَظِيَ بحَمْده وثوابِه ، أو أن تَترُكُه ، وأيّما أحبّ إليك ، أن تَشقَى بالذّم عاجلاً ، والعقابِ آجلاً ، وتفعل ما إن تركتَه كَفاكَه غيرُك ، وبلغتَ غرضك منه على يدِ غيرِك ، أو أن تفعله ، ولا ريبَ أنّ العاقلَ يختارُ فعلَ الخير وترك الشّر إذا أَفْكَر حقّ الفِكْر فيما قد أَوضحْناه .

432

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ ، أَصْلَحَ اللّهُ عَلاَنِيَتَهُ ، وَمَنْ عَمِلَ لِدِينِهِ ، كَفَاهُ اللّهُ أَمْرَ


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
654

429

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :كَفَاكَ مِنْ عَقْلِكَ ، مَا أَوْضَحَ لَكَ سُبُلَ غَيِّكَ مِنْ رُشْدِكَ .

الشّرْحُ:

يقول عليه السلام : كَفَى الإنسان من عِقْله ما يَفرِقُ به بين الغيّ والرّشاد ، وبين الحقّ من العقائد والباطل ، فإنّه بذلك يتمّ تكليفُه ، ولا حاجةَ في التّكليف ، والفَرْق بين الغَيّ والرُّشْد إلى زيادة على ذلك نحو التّجارب الّتي تُفِيده الحَزْم التامّ ، ومعرفة أحوالِ الدّنيا وَأهلِها ، وأيضا لا حاجةَ له إلى أن يكون عندَه من الفِطْنة الثّاقبة والذّكاء التَّام ما يَستنبِط به دقائقَ الكلام في الحِكْمة والهَنْدسة والعلوم الغامِضَة ، فإنّ ذلك كلّه فَضْل مستغنىً عنه ، فإنْ حُصِّل للإنسان فقد كَمُل ، وإن لم يُحصَّل للإنسان فقد كَفَاه في تكليفه ونجاتِه من مَعاطِب العِصْيان ما يَفرِق به بين الغَيّ والرَّشاد ، وهو حصول العلوم البديهيّة في القَلْب ، وما جَرَى مَجراها من علوم العادات ، وما يذكره أصحابُنا في باب التكليف .

430

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :افْعَلُوا الْخَيْرَ ، وَلاَ تَحْقِرُوا مِنْهُ شَيْئاً ، فَإِنَّ صَغِيرَهُ كَبِيرٌ ، وَقَلِيلَهُ كَثِيرٌ ، وَلاَ يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : إِنَّ أَحَداً أَوْلَى بِفِعْلِ الْخَيْرِ مِنِّي ، فَيَكُونَ وَاللّهِ كَذلِكَ .

الشّرْحُ:

القليلُ من الخير خيرٌ مِنْ عَدَم الخيرِ أصلاً .
قال عليه السلام : لا يقولَنّ أحدُكم إنّ فلانا أَولَى بِفعْل الخَيْر منّي ؛ فيكون واللّه كذلك ، مثاله قوم

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    تعداد جلد :
    2
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1384
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 212872
صفحه از 800
پرینت  ارسال به