أنه يلزم من فرض وقوع أحدهما وقوع الآخر ، وكيف وآدم والد وليس بمولود ! وإنّما المراد أنه يلزم من فرض صحّة كونه والدا صحّةُ كونه مولودا ، وبالتالي محال والمقدّم محال . وأمّا بيان أنّه لا يصح كونه مولودا ، فلأنّ كلّ مولود متأخّر عن والده بالزّمان ، وكلّ متأخر عن غيره بالزّمان محدَث ، فالمولود محدَث والبارئ تعالى قد ثبت أنه قديم ، وأنّ الحدوث عليه محال ، فاستحال أن يكون مولودا ، وتمّ الدليل .
الأصْلُ:
۰.وَلاَ يُوصَفُ بِشَيءٍ مِنَ الْأَجْزَاءِ ، وَلاَ بِالْجَوَارِحِ وَالْأَعْضَاءِ ، وَلاَ بِعَرَضٍ مِنَ الْأَعْرَاضِ ، وَلاَ بِالْغَيْرِيَّةِ وَالْأَبْعَاضِ ، وَلاَ يُقَالُ : لَهُ حَدٌّ وَلاَ نِهَايَةٌ ، وَلاَ انقِطَاعٌ وَلاَ غَايَةٌ ؛ وَلاَ أَنَّ الْأَشْيَاءَ تَحْوِيهِ ؛ فَتُقِلَّهُ أَوْ تُهْوِيَهُ ، أَوْ أَنَّ شَيْئاً يَحْمِلُهُ فَيُمِيلَهُ أَوْ يُعَدِّلَهُ . لَيْسَ فِي الْأَشْيَاءِ بِوَالِجٍ ، وَلاَ عَنْهَا بِخَارِجٍ . يُخْبِرُ لاَ بِلِسَانٍ وَلَهَوَاتٍ ، وَيَسْمَعُ لاَ بِخُرُوقٍ وَأَدَوَاتٍ . يَقُولُ وَلاَ يَلْفِظُ ، وَيَحْفَظُ وَلاَ يَتَحَفَّظُ ، وَيُرِيدُ وَلاَ يُضْمِرُ . يُحِبُّ وَيَرْضَى مِنْ غَيْرِ رِقَّةٍ ، وَيُبْغِضُ وَيَغْضَبُ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ ، يَقُولُ لِمَنْ أَرَادَ كَوْنَهُ : كُنْ فَيَكُونُ . لاَ بِصَوْتٍ يَقْرَعُ ، وَلاَ بِنِدَاءٍ يُسْمَعُ ؛ وَإِنَّمَا كَلاَمُهُ سُبْحَانَهُ فِعْلٌ مِنْهُ أَنْشَأَهُ وَمَثَّلَهُ ، لَمْ يَكُنْ مِنْ قَبْلِ ذلِكَ كَائِناً ، وَلَوْ كَانَ قَدِيماً لَكَانَ إِلهاً ثَانِياً .
الشّرْحُ:
في هذا الفصل مباحث :
أولها : أنّ البارئ سُبْحانه لا يوصَف بشيء من الأجزاء ، أي ليس بمركّب ؛ لأنّه لو كان مركّبا لافتقر إلى أجزائه ، وأجزاؤه ليست نفس هويّته ، وكلّ ذاتٍ تفتقر هويّتها إلى أمر من الأُمور فهي ممكنة ؛ لكنّه واجب الوجود ، فاستحال أن يوصَف بشيء من الأجزاء .
وثانيها : أنّه لا يوصَف بالجوارح والأعضاء كما يقول مثبتو الصورة ، وذلك لأنّه لو كان كذلك لكان جسما ، وكلّ جسم ممكن ، وواجب الوجود غير ممكن .
وثالثها : أنّه لا يوصَفُ بعرَض من الأعراض كما يقوله الكرَّاميّة ؛ لأنّه لو حلّه العَرَض