155
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : مَن خَيرٌ لاُِمَّةِ مُحَمَّدٍ ؟! يَزيدُ الخَمورُ الفَجورُ ؟
فَقالَ مُعاوِيَةُ : مَهلاً أبا عَبدِ اللّهِ ! فَإِنَّكَ لَو ذُكِرتَ عِندَهُ لَما ذَكَرَ مِنكَ إلاّ حَسَنا .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : إن عَلِمَ مِنّي ما أعلَمُهُ مِنهُ أنَا فَليَقُل فِيَّ ما أقولُ فيهِ .
فَقالَ لَهُ مُعاوِيَةُ : أبا عَبدِ اللّهِ ! انصَرِف إلى أهلِكَ راشِدا ، وَاتَّقِ اللّهَ في نَفسِكَ ، وَاحذَر أهلَ الشّامِ أن يَسمَعوا مِنكَ ما قَد سَمِعتُهُ ؛ فَإِنَّهُم أعداؤُكَ وأعداءُ أبيكَ .
قالَ : فَانصَرَفَ الحُسَينُ عليه السلام إلى مَنزِلِهِ . ۱

7 / 5

مُكاتَباتُ الإِمامِ ومُعاوِيَةَ

۲۴۸.أنساب الأشراف :كَتَبَ مُعاوِيَةُ إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام :
أمّا بَعدُ : فَقَدِ انتَهَت الَيَّ عَنكَ اُمورٌ أرغَبُ بِكَ عَنها ، فَإِن كانَت حَقّا لَم اُقارَّكَ ۲ عَلَيها ، ولَعَمري إنَّ مَن أعطى صَفقَةَ يَمينِهِ وعَهدَ اللّهِ وميثاقَهُ لَحَرِيٌّ بِالوَفاءِ ، وإن كانَت باطِلاً فَأَنتَ أسعَدُ النّاسِ بِذلِكَ ، وبِحَظِّ نَفسِكَ تَبدَأُ ، وبِعَهدِ اللّهِ توفي ، فَلا تَحمِلني عَلى قَطيعَتِكَ وَالإِساءَةِ بِكَ ، فَإِنّي مَتى اُنكِركَ تُنكِرني ، ومَتى تَكِدني أكِدكَ ، فَاتَّقِ شَقَّ عَصا هذِهِ الاُمَّةِ وأن يَرجِعوا عَلى يَدِكَ إلَى الفِتنَةِ ، فَقَد جَرَّبتَ النّاسَ وبَلَوتَهُم ، وأبوكَ كانَ أفضَلَ مِنكَ ، وقَد كانَ اجتَمَعَ عَلَيهِ رَأيُ الَّذينَ يَلوذونَ بِكَ ، ولا أظُنُّهُ يَصلُحُ لَكَ مِنهُم ما كانَ فَسَدَ عَلَيهِ ، فَانظُر لِنَفسِكَ ودينِكَ «وَ لاَ يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لاَ يُوقِنُونَ»۳ .

1.الفتوح : ج ۴ ص ۳۳۹ وراجع : الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۲۱۱ .

2.قارَّهُ مُقارَّةً : قَرَّ معَهُ وسَكَنَ ، وفلانٌ قارٌّ : ساكِنٌ (تاج العروس : ج ۷ ص ۳۸۶ «قرر») .

3.الروم : ۶۰ .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
154

ورَأَيتُكَ عَرَضتَ بِنا بَعدَ هذَا الأَمرِ ، ومَنَعتَنا عَن آبائِنا تُراثا ، ولَقَد ـ لَعَمرُ اللّهِ ـ أورَثَنَا الرَّسولُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وِلادَةً ، وجِئتَ لَنا بِها ، أما حَجَجتُم بِهِ القائِمَ عِندَ مَوتِ الرَّسولِ ، فَأَذعَنَ لِلحُجَّةِ بِذلِكَ ، ورَدَّهُ الإِيمانُ إلَى النَّصَفِ ، فَرَكِبتُمُ الأَعاليلَ ، وفَعَلتُمُ الأَفاعيلَ ، وقُلتُم : كانَ ويَكونُ ، حَتّى أتاكَ الأَمرُ يا مُعاوِيَةُ ! مِن طَريقٍ كانَ قَصدُها لِغَيرِكَ ، فَهُناكَ فَاعتَبِروا يا اُولِي الأَبصارِ . . . . ۱

۲۴۷.الفتوحـ في ذِكرِ قُدومِ مُعاوِيَةَ إلى مَكَّةَ وأخذِهِ البَيعَةَ لِيَزيدَ ـ: أقامَ مُعاوِيَةُ بِمَكَّةَ لا يَذكُرُ شَيئا مِن أمرِ يَزيدَ ، ثُمَّ أرسَلَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام فَدَعاهُ ، فَلَمّا جاءَهُ ودَخَلَ إلَيهِ قَرَّبَ مَجلِسَهُ ثُمَّ قالَ : أبا عَبدِ اللّهِ ! اعلَم أنّي ما تَرَكتُ بَلَدا إلاّ وقَد بَعَثتُ إلى أهلِهِ فَأَخَذتُ عَلَيهِمُ البَيعَةَ لِيَزيدَ ، وإنَّما أخَّرتُ المَدينَةَ لِأَنّي قُلتُ : هُم أصلُهُ وقَومُهُ وعَشيرَتُهُ ومَن لا أخافُهُم عَلَيهِ ، ثُمَّ إنّي بَعَثتُ إلَى المَدينَةِ بَعدَ ذلِكَ فَأَبى بَيعَتَهُ مَن لا أعلَمُ أحَدا هُوَ أشَدُّ بِها مِنهُم ، ولَو عَلِمتُ أنَّ لاُِمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله خَيرا مِن وَلَدي يَزيدَ لَما بَعَثتُ لَهُ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : مَهلاً يا مُعاوِيَةُ ! لا تَقُل هكَذا ، فَإِنَّكَ قَد تَرَكتَ مَن هُوَ خَيرٌ مِنهُ اُمّا وأبا ونَفسا .
فَقالَ مُعاوِيَةُ : كَأَنَّكَ تُريدُ بِذلِكَ نَفسَكَ أبا عَبدِ اللّهِ !
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : فَإِن أرَدتُ نَفسي فَكانَ ماذا ؟!
فَقالَ مُعاوِيَةُ : إذا اُخبِرُكَ أبا عَبدِ اللّهِ ! أمّا اُمُّكَ فَخَيرٌ مِن اُمِّ يَزيدَ ، وأمّا أبوكَ فَلَهُ سابِقَةٌ وفَضلٌ ، وقَرابَتُهُ مِن رسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله لَيسَت لِغَيرِهِ مِنَ النّاسِ ، غَيرَ أنَّهُ قَد حاكَمَ أبوهُ أباكَ ، فَقَضَى اللّهُ لِأَبيهِ عَلى أبيكَ ، وأمّا أنتَ وهُوَ فَهُوَ وَاللّهِ خَيرٌ لاُِمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله مِنكَ .

1.الإمامة والسياسة : ج ۱ ص ۲۰۸ .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    سایر پدیدآورندگان :
    الطباطبایی، روح الله؛ الطباطبایی، محمود
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 171306
صفحه از 598
پرینت  ارسال به