17
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

البابُ الأَوَّلُ : الحكم العقليّة والعلميّة

الفصل الأَوَّلُ : العقل

1 / 1

خِلقَةُ العَقلِ

۱.الخصال بإسناده عن الحسين بن عليّ عن أبيه أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام :قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : إنَّ اللّهَ عز و جل خَلَقَ العَقلَ مِن نورٍ مَخزونٍ مَكنونٍ في سابِقِ عِلمِهِ الَّذي ۱ لَم يَطَّلِع عَلَيهِ نَبِيٌّ مُرسَلٌ ولا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ، فَجَعَلَ العِلمَ نَفسَهُ ، وَالفَهمَ روحَهُ ، وَالزُّهدَ رَأسَهُ ، وَالحَياءَ عَينَيهِ ، وَالحِكمَةَ لِسانَهُ ، وَالرَّأفَةَ هَمَّهُ ۲ ، وَالرَّحمَةَ قَلبَهُ . ثُمَّ حَشّاهُ وقَوّاهُ بِعَشَرَةِ أشياءَ : بِاليَقينِ ، وَالإِيمانِ ، وَالصِّدقِ ، وَالسَّكينَةِ ، وَالإِخلاصِ ، وَالرِّفقِ ، وَالعَطِيَّةِ ، وَالقُنوعِ ، وَالتَّسليمِ ، وَالشُّكرِ . ثُمَّ قالَ عز و جل : أدبِر ، فَأَدبَرَ ، ثُمَّ قالَ لَهُ : أقبِل ، فَأَقبَلَ ، ثُمَّ قالَ لَهُ : تَكَلَّم .
فَقالَ : الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَيسَ لَهُ ضِدٌّ ولا نِدٌّ ، ولا شَبيهٌ ولا كُفوٌ ، ولا عَديلٌ ولا مِثلٌ ،

1.في المصدر : «التي» ، وما في المتن أثبتناه من معاني الأخبار .

2.في معاني الأخبار : «فمه» بدل «همّه» .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
16

في الحياة . والواقع هو أنّ الحكمة العلميّة مقدّمة للحكمة العمليّة والحكمة العمليّة تمثّل نقطة البدء في الحكمة الحقيقيّة ، وما لم يصل الإنسان إلى هذه المرتبة من الحكمة فلا يعتبر حكيماً على وجه الحقيقة وإن عُدّ أكبر أساتذة الحكمة .
إنّ الحكمة الحقيقيّة فيالواقع هي عبارة عن جوهر العلم ونوره وهي علم النور ، ولذا تترتّب عليها خواصّ العلم الحقيقي وآثاره الّتي يأتي على رأسها خشية اللّه ومخافته كما جاء بذلك الذكر الحكيم بقوله : «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَـؤُاْ»۱ .
وقد رُتّب هذا الأثر بعينه في كلام النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله وسلم على الحكمة الحقيقيّة حيث قال :
«خَشيَةُ اللّهِ عز و جل رَأسُ كُلِّ حِكمَةٍ». ۲
إنّ الحكمة الحقيقيّة هي قوّة عقلانيّة تضادّ الميول النفسانيّة ، وكلّما اشتدّت هذه القوّة ضعفت في قبالها تلك الميول إلى أن تضمحلّ وتزول بشكلٍ تامٍّ ، فيحيا العقل بشكلٍ كاملٍ ويمسك بزمام الإنسان وتتهيّأ الأرضية بعد ذلك لزوال واندثار كافّة القبائح من وجوده ، فتكون الحكمة بالمآل ملازمة للعصمة ومقرونة بها ، فتحصل بذلك صفة الحكيم والعالم الحقيقي للإنسان ، ثمّ يصل وهو في أعلى مراتب العلم والحكمة إلى أرقى مراتب معرفة النفس ومعرفة اللّه فينال بذلك مقام الإمامة ۳ .
في ضوء ما تقدّم فإنّ الأنبياء الإلهيّين وأوصيائهم الّذين ارتقوا إلى قمّة الحكمة العلميّة والعمليّة والحقيقيّة مكلّفون من قبل اللّه سبحانه بتعليم الحكمة والحكمة للناس .

1.فاطر : ۲۸ .

2.الفردوس : ج ۲ ص ۱۹۳ ح ۲۹۶۴ عن أنس بن مالك ، كنز العمّال : ج ۳ ص ۱۴۱ ح ۵۸۷۲ .

3.راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج۲ ص۷۳ (تحقيق في معنى الحكمة وأقسامها) .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    سایر پدیدآورندگان :
    الطباطبایی، روح الله؛ الطباطبایی، محمود
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 171302
صفحه از 598
پرینت  ارسال به