181
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

الصَّــلِحِينَ » 1 . . . .
قالَ : فَوَاللّهِ ما سَمِعتُ مُتَكَلِّما قَطُّ قَبلَهُ ولا بَعدَهُ أبلَغَ في مَنطِقٍ مِنهُ .
ثُمَّ قالَ : أمّا بَعدُ ، فَانسُبوني فَانظُروا مَن أنَا ، ثُمَّ ارجِعوا إلى أنفُسِكُم وعاتِبوها ، فَانظُروا هَل يَحِلُّ لَكُم قَتلي وَانتِهاكُ حُرمَتي ؟
ألَستُ ابنَ بِنتِ نَبِيِّكُم صلى الله عليه و آله وَابنَ وَصِيِّهِ وَابنِ عَمِّهِ ، وأوَّلِ المُؤمِنينَ بِاللّهِ ، وَالمُصَدِّقِ لِرَسولِهِ بِما جاءَ بِهِ مِن عِندِ رَبِّهِ ؟
أوَلَيسَ حَمزَةُ سَيِّدُ الشُّهَداءِ عَمَّ أبي ؟
أوَلَيسَ جَعفَرٌ الشَّهيدُ الطّيّارُ ذُو الجَناحَينِ عَمّي ؟
أوَلَم يَبلُغكُم قَولٌ مُستَفيضٌ فيكُم : أنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله قالَ لي ولِأَخي : «هذانِ سَيِّدا شَبابِ أهلِ الجَنَّةِ» !
فَإِن صَدَّقتُموني بِما أقولُ ـ وهُوَ الحَقُّ ـ فَوَاللّهِ ما تَعَمَّدتُ كَذِبا مُذ عَلِمتُ أنَّ اللّهَ يَمقُتُ عَلَيهِ أهلَهُ ، ويَضُرُّ بِهِ مَنِ اختَلَقَهُ ، وإن كَذَّبتُموني فَإِنَّ فيكُم مَن إن سَأَلتُموهُ عَن ذلِكَ أخبَرَكُم ؛ سَلوا جابِرَ بنَ عَبدِ اللّهِ الأَنصارِيَّ ، أو أبا سَعيدٍ الخُدرِيَّ ، أو سَهلَ بنَ سَعدٍ السّاعِدِيَّ ، أو زَيدَ بنَ أرقَمَ ، أو أنَسَ بنَ مالِكٍ ، يُخبِروكُم أنَّهُم سَمِعوا هذِهِ المَقالَةَ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله لي ولِأَخي . أفَما في هذا حاجِزٌ لَكُم عَن سَفكِ دَمي ؟
فَقالَ لَهُ شِمرُ بنُ ذِي الجَوشَنِ : هُوَ يَعبُدُ اللّهَ عَلى حَرفٍ 2 إن كانَ يَدري ما يَقولُ !
فَقالَ لَهُ حَبيبُ بنُ مُظاهِرٍ : وَاللّهِ إنّي لَأَراكَ تَعبُدُ اللّهَ عَلى سَبعينَ حَرفا ، وأنَا أشهَدُ أنَّكَ صادِقٌ ، ما تَدري ما يَقولُ ، قَد طَبَعَ اللّهُ عَلى قَلبِكَ .

1.الأعراف : ۱۹۶ .

2.تلميح إلى الآية ۱۱ من سورة الحجّ «وَ مِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَ إِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَ الْأَخِرَةَ ذَ لِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ» .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
180

قالَ : فَبِمَ تَستَحِلّونَ دَمي ، وأبِي الذّائِدُ عَنِ الحَوضِ غَدا ، يَذودُ عَنهُ رِجالاً كَما يُذادُ البَعيرُ الصّادي ۱ عَنِ الماءِ ، ولِواءُ الحَمدِ في يَدَي جَدّي يَومَ القِيامَةِ ؟ !
قالوا : قَد عَلِمنا ذلِكَ كُلَّهُ ! ونَحنُ غَيرُ تارِكيكَ حَتّى تَذوقَ المَوتَ عَطَشا .
فَأَخَذَ الحُسَينُ عليه السلام بِطَرَفِ لِحيَتِهِ وهُوَ يَومَئِذٍ ابنُ سَبعٍ وخَمسينَ سَنَةً ، ثُمَّ قالَ :
اِشتَدَّ غَضَبُ اللّهِ عَلَى اليَهودِ حينَ قالوا : عُزَيرٌ ابنُ اللّهِ ، وَاشتَدَّ غَضَبُ اللّهِ عَلَى النَّصارى حينَ قالوا : المَسيحُ ابنُ اللّهِ ، وَاشتَدَّ غَضَبُ اللّهِ عَلَى المَجوسِ حينَ عَبَدُوا النّارَ مِن دونِ اللّهِ ، وَاشتَدَّ غَضَبُ اللّهِ عَلى قَومٍ قَتَلوا نَبِيَّهُم ، وَاشتَدَّ غَضَبُ اللّهِ عَلى هذِهِ العِصابَةِ الَّذينَ يُريدونَ قَتَلَ ابنِ نَبِيِّهِم . ۲

281.تاريخ الطبري عن الضحّاك المشرقي :كانَ مَعَ الحُسَينِ عليه السلام فَرَسٌ لَهُ يُدعى : لاحِقا ، حَمَلَ عَلَيهِ ابنَهُ عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ ، قالَ : فَلَمّا دَنا مِنهُ القَومُ عادَ بِراحِلَتِهِ فَرَكِبَها ، ثُمَّ نادى بِأَعلى صَوتِهِ دُعاءً يُسمِعُ جُلَّ النّاسِ :
أيُّهَا النّاسُ ، اسمَعوا قَولي ، ولا تُعجِلوني حَتّى أعِظَكُم بِما لِحَقٍّ 3 لَكُم عَلَيَّ ، وحَتّى أعتَذِرَ إلَيكُم مِن مَقدَمي عَلَيكُم ، فَإِن قَبِلتُم عُذري وصَدَّقتُم قَولي وأعطَيتُمونِي النَّصَفَ ، كُنتُم بِذلِكَ أسعَدَ ، ولَم يَكُن لَكُم عَلَيَّ سَبيلٌ ، وإن لَم تَقبَلوا مِنِّي العُذرَ ولَم تُعطُوا النَّصَفَ مِن أنفُسِكُم «فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَ شُرَكَآءَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَىَّ وَ لاَ تُنظِرُونِ » 4 ، «إِنَّ وَلِيِّىَ اللَّهُ الَّذِى نَزَّلَ الْكِتَـبَ وَهُوَ يَتَوَلَّى

1.صَدِي : عَطِشَ فهو صادٍ (المصباح المنير : ص ۳۳۶ «صدى») .

2.الأمالي للصدوق : ص ۲۲۲ ح ۲۳۹ ، روضة الواعظين : ص ۲۰۵ ، الملهوف : ص ۱۴۵ ـ ۱۵۸ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۱۸ .

3.هكذا في المصدر ، وفي الكامل في التاريخ : «بما يجب» .

4.يونس : ۷۱ .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    سایر پدیدآورندگان :
    الطباطبایی، روح الله؛ الطباطبایی، محمود
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 188160
صفحه از 598
پرینت  ارسال به