269
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

عَلى مَن مَلَّكتَهُ أمري .
اللّهُمَّ فَلا تُحلِل بي غَضَبَكَ ، فَإِن لَم تَكُن غَضِبتَ عَلَيَّ فَلا اُبالي سِواكَ ، غَيرَ أنَّ عافِيَتَكَ أوسَعُ لي ؛ فَأَسأَلُكَ بِنورِ وَجهِكَ الَّذي أشرَقَت لَهُ الأَرضُ وَالسَّماواتُ ، وَانكَشَفَت بِهِ الظُّلُماتُ ، وصَلَحَ عَلَيهِ أمرُ الأَوَّلينَ وَالآخِرينَ ، ألاّ تُميتَني عَلى غَضَبِكَ ، ولا تُنزِلَ بي سَخَطَكَ ، لَكَ العُتبى حَتّى تَرضى مِن قَبلِ ذلِكَ ، لا إلهَ إلاّ أنتَ ، رَبَّ البَلَدِ الحَرامِ ، وَالمَشعَرِ الحَرامِ ، وَالبَيتِ العَتيقِ ، الَّذي أحلَلتَهُ البَرَكَةَ ، وجَعَلتَهُ لِلنّاسِ أمَنَةً .
يا مَن عَفا عَنِ العَظيمِ مِنَ الذُّنوبِ بِحِلمِهِ ، يا مَن أسبَغَ النِّعمَةَ بِفَضلِهِ ، يا مَن أعطَى الجَزيلَ بِكَرَمِهِ ، يا عُدَّتي في كُربَتي ، ويا مونِسي في حُفرَتي ، يا وَلِيَّ نِعمَتي ، يا إلهي وإلهَ آبائي إبراهيمَ وإسماعيلَ وإسحاقَ ويَعقوبَ ، ورَبَّ جَبرَئيلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ ، ورَبَّ مُحَمَّدٍ خاتَمِ النَّبِيّينَ وآلِهِ المُنتَجَبينَ ، ومُنزِلَ التَّوراةِ وَالإِنجيلِ وَالزَّبورِ وَالقُرآنِ العَظيمِ ، ومُنزِلَ كهيعص وطه ويس وَالقُرآنِ الحَكيمِ ، أنتَ كَهفي حينَ تُعيينِي المَذاهِبُ في سَعَتِها ، وتَضيقُ عَلَيَّ الأَرضُ بِما رَحُبَت ۱ ، ولَولا رَحمَتُكَ لَكُنتُ مِنَ [الهالِكينَ ، وأنتَ مُقيلُ عَثرَتي ، ولَولا سَترُكَ إيّايَ لَكُنتُ مِنَ] ۲ المَفضوحينَ ، وأنتَ مُؤَيِّدي بِالنَّصرِ عَلَى الأَعداءِ ، ولَولا نَصرُكَ لي لَكُنتُ مِنَ المَغلوبينَ .
يا مَن خَصَّ نَفسَهُ بِالسُّمُوِّ وَالرِّفعَةِ ، وأولِياؤُهُ بِعِزِّهِ يَعتَزّونَ ، يا مَن جَعَلَت لَهُ المُلوكُ نيرَ ۳ المَذَلَّةِ عَلى أعناقِهِم فَهُم مِن سَطَواتِهِ خائِفونَ ، يَعلَمُ خائِنَةَ الأَعيُنِ وما

1.الرُّحب : السَّعَة (الصحاح : ج ۱ ص ۱۳۴ «رحب») .

2.ما بين المعقوفين أثبتناه من البلد الأمين : ص ۲۵۴ .

3.نيرُ الفدّان : الخشبة المعترضة في عنق الثورين ، وقد يستعار للإذلال (مجمع البحرين : ج ۳ ص ۱۸۵۳ «نير») .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
268

فَجَعَلتَني حَيّا سَوِيّا ، رَحمَةً بي وكُنتَ عَن خَلقي غَنِيّا .
رَبِّ بِما بَرَأتَني فَعَدَّلتَ فِطرَتي ، رَبِّ بِما أنشَأتَني فَأَحسَنتَ صورَتي ، يا رَبِّ بِما أحسَنتَ بي وفي نَفسي عافَيتَني ، رَبِّ بِما كَلَأتَني ووَفَّقتَني ، رَبِّ بِما أنعَمتَ عَلَيَّ فَهَدَيتَني ، رَبِّ بِما آوَيتَني ومِن كُلِّ خَيرٍ آتَيتَني وأعطَيتَني ، رَبِّ بِما أطعَمتَني وسَقَيتَني ، رَبِّ بِما أغنَيتَني وأقنَيتَني ۱ ، رَبِّ بِما أعَنتَني وأعزَزتَني ، رَبِّ بِما ألبَستَني مِن ذِكرِكَ الصّافي ، ويَسَّرتَ لي مِن صُنعِكَ الكافي ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وأعِنّي عَلى بَوائِقِ ۲ الدَّهرِ ، وصُروفِ الأَيّامِ وَاللَّيالي ، ونَجِّني مِن أهوالِ الدُّنيا وكُرُباتِ الآخِرَةِ ، وَاكفِني شَرَّ ما يَعمَلُ الظّالِمونَ فِي الأَرضِ .
اللّهُمَّ ما أخافُ فَاكفِني ، وما أحذَرُ فَقِني ، وفي نَفسي وديني فَاحرُسني ، وفي سَفَري فَاحفَظني ، وفي أهلي ومالي ووُلدي فَاخلُفني ، وفيما رَزَقتَني فَبارِك لي ، وفي نَفسي فَذَلِّلني ، وفي أعيُنِ النّاسِ فَعَظِّمني ، ومِن شَرِّ الجِنِّ وَالإِنسِ فَسَلِّمني ، وبِذُنوبي فَلا تَفضَحني ، وبِسَريرَتي فَلا تُخزِني ، وبِعَمَلي فَلا تُبسِلني ۳ ، ونِعَمَكَ فَلا تَسلُبني ، وإلى غَيرِكَ فَلا تَكِلني .
إلى مَن تَكِلُني ؟ إلَى القَريبِ يَقطَعُني ! أم إلَى البَعيدِ يَتَهَجَّمُني ۴ ! أم إلَى المُستَضعِفينَ لي ! وأنتَ رَبّي ومَليكُ أمري ، أشكو إلَيكَ غُربَتي وبُعدَ داري ، وهَواني

1.أغْناهُ اللّه ُ وأقْناهُ : أي أعطاه اللّه ما يسكن إليه (الصحاح : ج ۶ ص ۲۴۶۸ «قنا») .

2.البائقة : الداهية (الصحاح : ج ۴ ص ۱۴۵۲ «بوق») .

3.أبسَلَهُ : أسلَمَهُ للهَلَكَة . وأبسَلَهُ لِعَمَلِهِ وبِعَمَلِهِ : وَكَلَهُ إليهِ (اُنظر القاموس المحيط : ج ۳ ص ۳۳۵ «بسل») . وفي البلد الأمين وبحار الأنوار : «فلا تَبتَلِني» .

4.هَجَمَ الرّجلَ وغَيرَهُ . ساقه وطرده ويقال : هجم الفحلُ آتُنَهُ أي طَرَدَها (لسان العرب : ج ۱۲ ص ۶۰۲ «هجم») . وفي البلد الأمين : «يَتَجهَّمُني» ، قال ابن الأثير في معناها : أي يلقاني بالغلظة والوجه الكريه (النهاية : ج ۱ ص ۳۲۳ «جهم») .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    سایر پدیدآورندگان :
    الطباطبایی، روح الله؛ الطباطبایی، محمود
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 188760
صفحه از 598
پرینت  ارسال به