279
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

لَيسَ لَكَ ، حَتّى يَكونَ هُوَ المُظهِرَ لَكَ ؟ مَتى غِبتَ حَتّى تَحتاجَ إلى دَليلٍ يَدُلُّ عَلَيكَ ؟ ومَتى بَعِدتَ حَتّى تَكونَ الآثارُ هِيَ الَّتي توصِلُ إلَيكَ ؟ عَمِيَت عَينٌ لا تَراكَ ۱ عَلَيها رَقيبا ، وخَسِرَت صَفقَةُ عَبدٍ لَم تَجعَل لَهُ مِن حُبِّكَ نَصيبا .
إلهي ، أمَرتَ بِالرُّجوعِ إلَى الآثارِ ، فَارجِعني إلَيكَ بِكِسوَةِ الأَنوارِ ، وهِدايَةِ الاِستِبصارِ ، حَتّى أرجِعَ إلَيكَ مِنها كَما دَخَلتُ إلَيكَ مِنها ؛ مَصونَ السِّرِّ عَنِ النَّظَرِ إلَيها ، ومَرفوعَ الهِمَّةِ عَنِ الاِعتِمادِ عَلَيها ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ .
إلهي ، هذا ذُلّي ظاهِرٌ بَينَ يَدَيكَ ، وهذا حالي لا يَخفى عَلَيكَ ، مِنكَ أطلُبُ الوُصولَ إلَيكَ ، وبِكَ أستَدِلُّ عَلَيكَ ، فَاهدِني بِنورِكَ إلَيكَ ، وأقِمني بِصِدقِ العُبودِيَّةِ بَينَ يَدَيكَ .
إلهي ، عَلِّمني مِن عِلمِكَ المَخزونِ ، وصُنّي بِسِرِّكَ المَصونِ .
إلهي ، حَقِّقني بِحَقايِقِ أهلِ القُربِ ، وَاسلُك بي مَسلَكَ أهلِ الجَذبِ .
إلهي ، أغنِني بِتَدبيرِكَ لي عَن تَدبيري ، وبِاختِيارِكَ عَنِ اختِياري ، وأوقِفني عَلى مَراكِزِ اضطِراري .
إلهي ، أخرِجني مِن ذُلِّ نَفسي ، وطَهِّرني مِن شَكّي وشِركي ، قَبلَ حُلولِ رَمسي ۲ .
بِكَ أنتَصِرُ فَانصُرني ، وعَلَيكَ أتَوَكَّلُ فَلا تَكِلني ، وإيّاكَ أسأَلُ فَلا تُخَيِّبني ، وفي فَضلِكَ أرغَبُ فَلا تَحرِمني ، وبِجَنابِكَ أنتَسِبُ فَلا تُبعِدني ، وبِبابِكَ أقِفُ فَلا تَطرُدني .
إلهي ، تَقَدَّسَ رِضاكَ أن تَكونَ لَهُ عِلَّةٌ مِنكَ ، فَكَيفَ يَكونُ لَهُ عِلَّةٌ مِنّي ؟
إلهي ، أنتَ الغَنِيُّ بِذاتِكَ أن يَصِلَ إلَيكَ النَّفعُ مِنكَ ، فَكَيفَ لا تَكونُ غَنِيّا عَنّي ؟

1.في المصدر : «لا تَزال» ، والتصويب من بحار الأنوار .

2.الرَّمس : الدَّفن ، والقَبر (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۲۲۰ «رمس») .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
278

إلَيكَ ؟ أم كَيفَ أشكو إلَيكَ حالي ، وهُوَ لا يَخفى عَلَيكَ ؟ أم كَيفَ اُتَرجِمُ بِمَقالي ، وهُوَ مِنكَ ، بَرَزٌ إلَيكَ ؟ أم كَيفَ تُخَيِّبُ آمالي ، وهِيَ قَد وَفَدَت إلَيكَ ؟ أم كَيفَ لا تُحِسنُ أحوالي ، وبِكَ قامَت ؟
إلهي ، ما ألطَفَكَ بي مَعَ عَظيمِ جَهلي ! وما أرحَمَكَ بي مَعَ قَبيحِ فِعلي !
إلهي ، ما أقرَبَكَ مِنّي وأبعَدَني عَنكَ ! وما أرأَفَكَ بي ، فَمَا الَّذي يَحجُبُني عَنكَ ؟
إلهي ، عَلِمتُ بِاختِلافِ الآثارِ ، وتَنَقُّلاتِ الأَطوارِ ، أنَّ مُرادَكَ مِنّي أن تَتَعَرَّفَ إلَيَّ في كُلِّ شَيءٍ ، حَتّى لا أجهَلَكَ في شَيءٍ .
إلهي ، كُلَّما أخرَسَني لُؤمي أنطَقَني كَرَمُكَ ، وكُلَّما آيَسَتني أوصافي أطمَعَتني مِنَنُكَ .
إلهي ، مَن كانَت مَحاسِنُهُ مَساوِيَ ، فَكَيفَ لا تَكونُ مَساويهِ مَساوِيَ ؟ ومَن كانَت حَقايِقُهُ دَعاوِيَ ، فَكَيفَ لا تَكونُ دَعاويهِ دَعاوِيَ ؟
إلهي ، حُكمُكَ النّافِذُ ، ومَشِيَّتُكَ القاهِرَةُ ، لَم يَترُكا لِذي مَقالٍ مَقالاً ، ولا لِذي حالٍ حالاً .
إلهي ، كَم مِن طاعَةٍ بَنَيتُها ، وحالَةٍ شَيَّدتُها ، هَدَمَ اعتِمادي عَلَيها عَدلُكَ ، بل أقالَني مِنها فَضلُكَ .
إلهي ، إنَّكَ تَعلَمُ أنّي وإن لَم تَدُمِ الطّاعَةُ مِنّي فِعلاً جَزما ، فَقَد دامَت مَحَبَّةً وعَزما .
إلهي ، كَيفَ أعزِمُ وأنتَ القاهِرُ ؟ وكَيفَ لا أعزِمُ وأنتَ الآمِرُ ؟
إلهي ، تَرَدُّدي فِي الآثارِ يوجِبُ بُعدَ المَزارِ ، فَاجمَعني عَلَيكَ بِخِدمَةٍ توصِلُني إلَيكَ .
كَيفَ يُستَدَلُّ عَلَيكَ بِما هُوَ في وُجودِهِ مُفتَقِرٌ إلَيكَ ، أيَكونُ لِغَيرِكَ مِنَ الظُّهورِ ما

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    سایر پدیدآورندگان :
    الطباطبایی، روح الله؛ الطباطبایی، محمود
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    الاولی
تعداد بازدید : 188594
صفحه از 598
پرینت  ارسال به