عَلِّموا أولادَكُم شِعرَ العَبدِيِ ، فَإِنَّهُ عَلى دينِ اللّهِ.۱
إنّ التأمّل في سيرة الرسول صلى الله عليه و آله والأئمّة عليهم السلام يكشف بأنّهم كانوا يستخدمون فنّ الشعر لأغراض تربوية وسياسية وعسكرية ، لكن هل كانوا أنفسهم ينظّمون الشعر أيضاً؟ وهل الأشعار المنسوبة إليهم صادرة عنهم حقّاً ؟ إنّ هذا الأمر يحتاج إلى مناقشة .
عدم تنافي نظم الشعر ومنزلة الإمامة
إنّ أوّل شبهة يمكن طرحها هي أنّ القرآن لا يعتبر نظم الشعر لائقاً بمقام النبوّة : «وَ مَا عَلَّمْنَـهُ الشِّعْرَ وَ مَا يَنـبَغِى لَهُ»۲ . وبما أنّ إمامة أهل البيت عليهم السلام استمرار لنبوّة النبيّ الخاتم صلى الله عليه و آله ، فلا يليق نظم الشعر بمقام الإمامة أيضاً .
يمكننا الإجابة على هذا الإشكال : بأنّ الشعر ـ كما مرّ ذكره ـ على صنفين : الشعر الممزوج بخيالات الشاعر الكاذبة حتّى يستلذّ به المستمع ويستأنس به ، وقد قيل عنه «أحسن الشعر أكذبه» ۳ ، وهو ما لا يليق بمقام النبوّة والإمامة ، بل حتّى بالمؤمن النزيه .
أمّا الصنف الآخر من الشعر ، والّذي سمّاه الرسول صلى الله عليه و آله بالحكمة ، فلا يتعارض مبدئياً مع مقام النبوّة أو الإمامة .
نعم! عدم نظم الشعر من قبل الرسول صلى الله عليه و آله أمر مطلوب ، فلو نظم الشعر ، صدّق الناس إشاعة المشركين بأنّ القرآن شعر . بعبارة أُخرى ، نظم الشعر كالكتابة لا يتنافى مع مقام الإمامة، كما كان الأئمّة يكتبون في حين لم يكتب الرسول؛لردع