الفصلُ الخامِسُ : الآخرة
5 / 1
ذِكرُ الآخِرَةِ
۸۴.إرشاد القلوب :قالَ الحُسَينُ عليه السلام : يَابنَ آدَمَ ! تَفَكَّر وقُل : أينَ مُلوكُ الدُّنيا وأربابُهَا الَّذينَ عَمَروا وَاحتَفَروا أنهارَها ، وغَرَسوا أشجارَها ، ومَدَّنوا مَدائِنَها ؟! فارَقوها وهُم كارِهونَ ، ووَرِثَها قَومٌ آخَرونَ ، ونَحنُ بِهِم عَمّا قَليلٍ لاحِقونَ .
يَابنَ آدَمَ ! اذكُر مَصرَعَكَ ، وفي قَبرِكَ مَضجَعَكَ ، ومَوقِفَكَ بَينَ يَدَيِ اللّهِ ، تَشهَدُ جَوارِحُكَ ۱ عَلَيكَ يَومَ تَزِلُّ فيهِ الأَقدامُ ، وتَبلُغُ القُلوبُ الحَناجِرَ ، وتَبيَضُّ وُجوهٌ وتَسوَدُّ وُجوهٌ ، وتَبدُو السَّرائِرُ ، ويوضَعُ الميزانُ القِسطَ .
يَابنَ آدَمَ ! اذكُر مَصارِعَ آبائِكَ وأبنائِكَ ، كَيفَ كانوا وحَيثُ حَلّوا وكَأَنَّكَ عَن قَليلٍ قَد حَلَلتَ مَحَلَّهُم ، وصِرتَ عِبرَةً لِلمُعتَبِرِ وأنشَدَ شِعرا :
أينَ المُلوكُ الَّتي عَن حِفظِها غَفَلَتحَتّى سَقاها بِكَأسِ المَوتِ ساقيها
تِلكَ المَدائِنُ فِي الآفاقِ خالِيَةٌعادَت خَرابا وذاقَ المَوتَ بانيها
أموالُنا لِذَوِي الوُرّاثِ نَجمَعُهاودورُنا لِخَرابِ الدَّهرِ نَبنيها۲
5 / 2