تأتي الخطوة الأخيرة من الانطلاق صوب منزلة الانسان الكامل ، ـ وهي الحكمة الحقيقية ـ وهذه المرحلة يتكفّل اللّه تعالى نفسه بالتمهيد لها .
وفي ما يلي نعرض شرحا موجزا لهذه الأنواع الثلاثة من الحكمة :
1 . الحكمة العلمية
المُراد بالحكمة العلمية : هو جميع أنواع العلوم والمعارف الضرورية للارتقاء إلى مقام الإنسان الكامل . وبعبارة اُخرى : العلم المتعلّق بالمعتقدات يُعدّ «حِكمَة» وكذا العِلم المتعلّق بالأخلاق ، والعلم المتعلّق بالأعمال . ولذلك نلاحظ أنّ القرآن الكريم بعدما يبيّن تعاليما وإرشادات شتّى في الميادين الاعتقادية والأخلاقية والعملية يُسمّي كلاًّ منها حِكمَة ويقول :
«ذَ لِكَ مِمَّآ أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ» . ۱
وهذا المفهوم للحكمة هو الغاية الأولى من بعثة الأنبياء ، وقد أكّد القرآن الكريم على هذا المعنى في العديد من آياته الشريفة ، منها ما جاء في الآية :
«لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَـتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَـبَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَـلٍ مُّبِينٍ» . ۲
2 . الحكمة العملية
الحكمة العملية : هي عبارة عن المنهج العملي لبلوغ مرتبة الإنسان الكامل . ومن وجهة نظر القرآن والأحاديث الشريفة كما يُسمى العلم الّذي يعتبر مقدّمة لتكامل الإنسان حكمة ، كذلك يُسمّى العمل الّذي يُعتبر مقدّمة لتكامله حِكمة أيضا ، مع فارق واحد وهو أنّ العلم هو الخطوة الأولى للتكامل ، والعمل خطوته الثانية .