17
حکم لقمان

إلى أن تضمحلّ وتتلاشى كُلّيا ۱ ، وعند ذلك يحيا العقل كُلّيا ۲ ويأخذ بزمام الإنسان ، وعندها تزول من ذاته كلّ دواعي الرذيلة وأسبابها ، وبالنتيجة تقترن الحكمة بالعصمة . ۳
وفي الختام يستجمع المرء كلّ خصائص الحكيم والعالم الحقيقي ، وعندما يغدو في أعلى مراتب العلم والحكمة ، ينال أسمى درجات معرفة الذات ومعرفة اللّه والإمامة والقيادة .

أفضل الحكماء

وعلى هذا الأساس فالأنبياء والأوصياء ـ الّذين بلغوا ذرى الحكمة العلمية والعملية والحقيقية ـ اُمروا من اللّه عزّ وجلّ بتعليم العلم والحكمة للبشرية .

ما الحكمة التي نالها لقمان ؟

الّذين اعتبروا لقمان نبيّا ـ كما قال بذلك عكرمة ـ يرون أنّ الحكمة الّتي حباها اللّه إيّاه هي النبوّة . ولكن لا دليل يثبت صحّة هذا الرأي ۴ ، بالإضافة إلى أنّ الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام تذهب إلى خلاف ذلك كما سبقت الإشارة . وفي ضوء ذلك فقد قال الإمام الكاظم عليه السلام في رواية منقولة عنه في تفسير قوله تعالى : «وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا لُقْمَـنَ الْحِكْمَةَ»۵ قال :
«الفهم والعقل» .۶

1.إشارة إلى رواية منقولة عن الإمام عليّ عليه السلام في وصف المؤمن : «ميّتة شهوته» .

2.إشارة إلى رواية منقولة عن الإمام عليّ عليه السلام في وصف السالك إلى اللّه : «قد أحيا عقله وأمات نفسه» .

3.راجع : موسوعة العقائد الاسلامية في الكتاب والسنة : ج ۲ ، المعرفة / القسم الخامس / الفصل الثالث : آثار الحكمة / العصمة .

4.راجع : ص ۲۵ (هل كان لقمان نبيّا) .

5.لقمان : ۱۲ .

6.الكافي : ج ۱ ص ۱۶ ح ۱۲ .


حکم لقمان
16

والأحاديث الشريفة الّتي فسّرت الحكمة بطاعة اللّه ، ومداراة الناس ، والاحتراز عن المعاصي ، واجتناب الكيد والخديعة ، إنّما تومئ إلى هذا النوع من الحكمة . ۱

3 . الحكمة الحقيقية

الحكمة الحقيقية : نور وبصيرة تحصل للإنسان على أثر التزامه بالحكمة العملية في حياته . وفي الحقيقة تُعدّ الحكمة العلمية مقدّمة للحكمة العملية ، والحكمة العملية مبدأ للحكمة الحقيقية . وما لم يبلغ الإنسان هذه المرحلة من الحكمة فهو ليس حكيما حقيقيا ، حتّى وإن كان أعظم أساتذة الحكمة .
الحكمة الحقيقية في الواقع هي جوهر العلم ونور العلم وعلم النور ، ولذلك تترتّب عليها خصائص العلم الحقيقي ومعطياته الّتي تعتبر من أهمّها خشية اللّه ، كما نصّ على ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى :
«إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَـؤُاْ» . ۲
وقد ترتّب هذا الأثر بعينه على الحكمة في كلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله حين قال :
«خشية اللّه رأس كلّ حِكمَة» .۳
الحكمة الحقيقية انشداد عقلي ، وهي مضادّة للميول النفسية ۴ ، وكلّما استحكمت في النفس أكثر ضعفت الميول النفسية لدى الإنسان بنفس ذلك القدر ۵

1.. الكافى : ج ۲ ص ۳۰۳ .

2.فاطر : ۲۸ .

3.حلية الأولياء : ج ۲ ص ۳۸۶ ، مسند الشهاب : ج ۱ ص ۵۹ ح ۴۱ .

4.إشارة إلى رواية منقولة عن الإمام الصادق عليه السلام ، قال فيها : «الحكمة ضد الهوى» (الخصال : ۵۹۱/۱۳) .

5.إشارة إلى رواية منقولة عن الإمام عليّ عليه السلام يقول فيها : «كلّما قويت الحكمة ضعفت الشهوة» . (غرر الحكم : ۷۲۰۵) .

  • نام منبع :
    حکم لقمان
    سایر پدیدآورندگان :
    غلامعلی، مهدی
    تعداد جلد :
    1
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1385
    نوبت چاپ :
    اوّل
تعداد بازدید : 54071
صفحه از 200
پرینت  ارسال به