مِن أحَدٍ استَحسَنَهُ إلاّ سَأَلَ عَن تَفسيرِهِ وعَمَّن أخَذَهُ . وكانَ يُكثِرُ مُجالَسَةَ الفُقَهاءِ وَ الحُكَماءِ ، وكانَ يَغشَى القُضاةَ وَالمُلوكَ وَالسَّلاطينَ ، فَيَرثي لِلقُضاةِ مِمَّا ابتُلوا بِهِ ، ويَرحَمُ المُلوكَ وَالسَّلاطينَ لِغِرَّتِهِم بِاللّهِ وطُمَأنينَتِهِم في ذلِكَ ، ويَعتَبِرُ ويَتَعَلَّمُ ، ما يَغلِبُ بِهِ نَفسَهُ ، ويُجاهِدُ بِهِ هَواهُ ، ويَحتَرِزُ بِهِ مِنَ الشَّيطانِ ، فَكانَ يُداوي قَلبَهُ بِالفِكرِ ويُداوي نَفسَهُ بِالعِبَرِ ، وكانَ لا يَظعَنُ إلاّ فيما يَنفَعُهُ .
فَبِذلِكَ اُوتِيَ الحِكمَةَ ومُنِحَ العِصمَةَ» . 1
تجدر الإشارة إلى أنّ هذه الروايات لا اختلاف ولا تعارض بينها ؛ وذلك لأنّ كلّ واحدة منها تشير إلى جوانب من مبادئ الحكمة الحقيقية الّتي اُعطيها لقمان .
وبعبارة اُخرى لكلّ هذه الخطوات دورها وتأثيرها في انبثاق نور الحكمة الّتي حباها اللّه عزّوجلّ للقمان .
أمثال لقمان في الاُمّة الإسلامية
تفيد البحوث الّتي اُجريت في هذا المضمار بأنّ ثلاثة من بين أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله وأهل بيته يضاهون لقمان في حكمته ، وهؤلاء الثلاثة هم :
1 . سلمان
وردت في هذا الصدد رواية عن الإمام الصادق عليه السلام قال فيها : قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله ذات يوم لأصحابه :
أيُّكُم يَصومُ الدَّهرَ ؟
فَقالَ سَلمانُ رحمه الله : أنَا يا رَسولَ اللّهِ .
فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : فَأَيُّكُم يُحيِي اللَّيلَ ؟