كتابهما يمينا وحوسبا حسابا يسيرا ـ : إنّي لمّا شرفت برهة من الزمان بصحبة المولى الأولى الفاضل الكامل الصالح الناصح المتبحّر النحرير المتوقد الذكي الألمعي خلاصة الفضلاء وزبدة الأذكياء جامع فنون العلم وأصناف الكمالات حائز قصبات السبق في مضامير السعادات ، سالك مسالك الخير والتقى مجتنب مهاوي الغي والردى، أعني الأخ في اللّه الرضي المرضي مولانا رفيع الدين محمّد الجيلي، ـ أدام اللّه تعالى بركات إفاداته وزاد اللّه في إفاضاته عليه وهداياته ـ ، واستفدت من نتائج أفكاره وانتفعت من غرائب أنظاره وفاوضته في فنون العلوم العقلية والنقلية وجاريته في مراقي المعارف الدينية والمسائل الشرعية، فوجدته بحرا زاخرا من العلم لا يساحل وألفيته حبرا ماهرا في الفضل لا يناضل.
ثمّ إنّه زيد فضله لما أراد أن يتأسّى بسلفنا الصالحين وينتظم في سلك رواة أخبار أئمّة الحقّ والدين ـ صلوات اللّه عليهم أجمعين ـ ، أمرني بأن أجيز له ما صحّت لي روايته وإجازته، بعد أن قرأ عليَّ بعض الأخبار اقتفاءا بسنة الأخيار، فامتثلت أمره إذ كنت أعدّه فرضا عليّ لا نفلاً وإن لم أكن أجدني لذلك أهلاً، واستخرت اللّه سبحانه وأجزت وأبحت له أن يروي عنّي كلّ ما صحّت لي روايته وأبيحت لي إجازته ممّا صنّف في الإسلام من مؤلّفات الخاص والعام في فنون العلوم من التفسير والحديث والدعاء والأصولين والفقه والتجويد والمنطق والصرف والنحو واللغة والمعاني والبيان وغيرها، بحقّ روايتي وإجازتي عن مشايخي الكرام وأسلافي الفخام ـ رضي اللّه عنهم ـ ، ولمّا كان طرقي وأسانيدي إليها أكثر من أن أوعيها تلك الكراريس والأوراق أثبتّ له هنا ما هو عندي أوثقها وأعلاها وأشرفها وأقواها، وإن أراد ـ دام تأييده ـ الإحاطة بجميعها فعليه الرجوع إلى كتابنا الكبير.
فمنها: ما أخبر به عدّة من الأفاضل الكرام وجماعة من العلماء الأعلام ممّن