ندبة الإمام السجاد علیه السلام - صفحه 199

كم عاينت من ذي عزٍّ وسلطان ۱ ، وجنودٍ وأعوان ، تمكّن من دنياه ، ونال فيها ۲ مُناه ، فبنى الحصون والدساكر ، وجمع الأعلاق والذخائر .

فما صرفت كفّ المنيّةِ إذا أتتمبادرةً تهوي إلى الذخائر
ولا دفعت عنه الحصون التي بنىوحَفّت بها أنهارها۳والدساكر
ولا قارعت عنه المنية خيلهولا طمعت في الذبّ عنه العساكر
أتاه من أمر اللّه ما لا يُرَدُّ ، ونزل به من قضائه ما لا يُصَدّ ، فتعالى [اللّه ] الملك الجبّار ، المتكبّر القهّار ، قاصم الجبّارين ، ومبير المتكبرين .

مليك عزيزٌ ما يُردّ قضاؤهعليم حكيم۴نافذ الأمر قاهر
عنا كل ذي عزٍّ لِعِزَّةِ وجههفكل عزيزٍ للمهيمن صاغر
لقد خشعت۵واستسلمت وتضاءلتلعزة ذي العرش الملوك الجبابر
فالبِدارَ ۶ ! و الحِذارَ الحذار! من الدنيا و مكائدها ، و ما نصبتْ لك من مصائبها ، و تجلّت ۷ لك من زينتها ، و استشرفت ۸ لك من فتنتها. ۹
و في دون ما عاينتَ من فجعاتهاإلى رفضها داعٍ و بالزهد آمر
فَجِدَّ و لا تغفل فعيشك زائلو أنت إلى دار المنيّة صائر
و لا تطلُب الدنيا فإنّ طِلابَهاو إن نِلت منها غِبُّه۱۰لك ضائر۱۱
و هل ۱۲ يحرص عليها لبيب ، أو يَسُرُّ بلذّتها ۱۳ أريب ، و هو على ثقة من فنائها ، و غير طامعٍ في بقائها ، أم كيف تنام عين مَن يخشى البيات ، و تسكن ۱۴ نفس من يتوقّع الممات.

ألا لا و لكنّا نغُرُّ نفوسَناو تشغلُنا اللذّاتُ عمّا نحاذر
فكيف۱۵يَلَذُّ العيش مَن هو موقنٌ بموقف عرضٍ يوم تُبلى۱۶السرائر
كأنّا نرى أن لا نشور و أنّناسدىً۱۷ما لنا بعد الفناء۱۸مصائر
و ما عسى أن ينال طالب الدنيا من لذّتها ، و يتمتّع به من بهجتها ، مع فنون مصائبها ، و أصناف عجائبها ۱۹ ، و كثرة تعبه في طلابها ، و ما يكابد ۲۰ في أسقامها و أوصابها.

و ما إن يني في كل يوم و ليلةٍيروح عليها صرفها و يبادر۲۱
تعاوره آفاتُها و همومهاو كم ما عسى۲۲يبقى لها المتعاوَر
فلا هو مغبوط بدنياه آمنٌو لا هو عن تَطلابها النفس قاصر
كم غرّت الدنيا من مخلدٍ إليها ، و صرعت من مُكبٍّ عليها ، فلم تَنْعَشْه مِن صَرْعته ، و لم تُقِلْهُ من عثرته ، و لم تداوه من سَقَمه ، و لم تشفِهِ من ألَمِهِ ۲۳ .

بلى أوْرَدَتْه بعد عزٍّ و مَنْعَةٍمواردَ سَوْءٍ ما لَهُنَّ مصادرُ
فلمّا رأى أن لا نجاة و أنّههو الموت لا ينجيه منه الموازر۲۴
تندَّمَ لو يغنيه طولُ نَدامةٍ۲۵عليه، و أبكته الذنوب الكبائر
بكى على ما سلف ۲۶ من خطاياه ، و تحسَّر على ما خلّف من دنياه ، حيث ۲۷ لا ينفعه الاستعبار ، و لا ينجيه الاعتذار ، من هول المنيّة ، و نزول البليّة.

أحاطت به آفاته۲۸و همومهو أبلس لمّا أعجزته المعاذر
فليس له من كربةِ الموت فارجو ليس له ممّا يحاذر ناصر
و قد جشأت خوف المنيّة نفسهتُرددها دون اللَّهاةِ۲۹الحناجر
هنالك خَفَّ عنه عُوّاده ، و أسلمه أهله و أولاده ، و ارتفعت الرنّة و العويل ۳۰ ، و

1.في تاريخ دمشق : كم ذي منعة وسلطان .

2.في البلد الأمين : منها؛ وفي تاريخ دمشق : فيها ما تمنّاه وبنى القصور .

3.في البلد الأمين وتاريخ دمشق : وحفّ . وفي الثاني : أنهاره .

4.في تاريخ دمشق : عليم حكيم .

5.في رواية ابن عساكر : خضعت.

6.بدرت إلى الشيء : أسرعت و بادرت إليه (لسان العرب : بدر).

7.في البلد الأمين:مصائدها و تجلّى . و في تاريخ دمشق : مصائدها و تحلّت.

8.في البلد الأمين : و استشرف.

9.هذه الفقرة لم ترد في تاريخ دمشق، و ورد فيه بدلها : و أظهرت لك من بهجتها.

10.غبُّ كل شي?: عاقبته (لسان العرب : غبّ).

11.ضارَه ضيراً : ضَرَّه (لسان العرب : ضير).

12.في البلد الأمين : فهل.

13.في تاريخ دمشق : أو يسرّ بها.

14.في البلد الأمين : أو تسكن.

15.في البلد الأمين : و كيف . و مثله في تاريخ دمشق.

16.في البلد الأمين : عدلٍ حينَ تبلى.

17.سُدىً : مهملاً غير مأمور و غير منهي (لسان العرب : سدا).

18.في رواية ابن عساكر : الممات.

19.في تاريخ دمشق : صاحب الدنيا من لذتها .. . مع صنوف عجائبها.

20.في البلد الأمين ص۳۲۱ : طلابها ، و تكادحه في اكتسابها ، و تكابده من أسقامها .. . و في تاريخ دمشق : و ما يكابد من أسقامها و أوصابها و آلامها.

21.في البلد الأمين : علينا صرفها و يباكر . و في تاريخ دمشق : و ما قد نرى .. . علينا .. . و يباكر ، تغاورنا.

22.في تاريخ دمشق : و كم قد ترى.

23.في رواية ابن عساكر : فلم تنعشه من غرّته ، و لم تقمه من صرعته ، و لم تشفه من ألمه ، و لم تبرئه من سقمه.

24.الموازر ، بمعنى الملاجئ . و في تاريخ دمشق : التحاذر.

25.في تاريخ دمشق:تندّم إذ لم تغنِ عنه ندامة.

26.في البلد الأمين : أسلف.

27.في رواية ابن عساكر : حين.

28.في تاريخ دمشق : أحزانه.

29.في تاريخ دمشق : ترددها منه اللهى و الحناجر.

30.في رواية ابن عساكر : فارتفعت الرنة بالعويل و أيسوا.

صفحه از 204