الكلمة الحادية و العشرون ، قوله عليه السلام : لا كَرَمَ أَعزّ من التُّقَى
«الكرم» السخاوة ، و الكريم من يعطي بلاسؤال ؛ و «أعزّ» اسم تفضيل من العزّة ، و التقوى و «التقى» بمعنى الوقاية ، و هي لغةً المحافظة و الاحتراز ، و الظاهر أنّ تاءهما مبدلة من الواو ، فكان أصلهما الوقْوى و الوقي ، كالتراث و الوارث .
و اصطلاحا ، على ما قاله الفاضل الأردبيلي ـ زيد أجر زهده و تقواه ـ : هو أن لايراك اللّه في مواضع معصيته ، و لايفقدك في مقام طاعته .
و يستفاد من كلامه عليه السلام : أنّ الكرم ببذل المال صفة عزيزة إذا اكتسب من حلّه ، و أمّا الكرم الأعزّ من هذا الكرم هو التقوى و الزهد في الدنيا ، و من أعظم البراهين على هذا المدّعى قوله تعالى : «إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَـلـكُمْ»۱ أي : إنّ أعزّكم عند اللّه من كانت هذه الصفة فيه أكثر . و يومئ إليه أيضا ما هو المشهور من : أنّ جبرئيل عليه السلامنزل مرارا على النبيّ صلى الله عليه و آله بمفاتيح كنوز الدنيا و قال : «لم تنقص مرتبتك في الآخرة ، اقبل» ، و لم يتقبّل صلى الله عليه و آله ۲ .
و ما اشتهر من أنّ أمير المؤمنين ـ صلوات اللّه و سلامه عليه ـ قد طلّق الدنيا ثلاثا ، و المطلّقة الثلاث لارجعة فيها ، فلك أيّها المقتدي بهما اُسوة حسنة ؛ و فّقنا اللّه للتّأسّي بهما .
الكلمة الثانية و العشرون ، قوله عليه السلام : لا شَرَفَ أعلى من الإسلامِ
«الإسلام» لغةً الانقياد ، و اصطلاحا قيل : هو يرادف الإيمان ، و قيل : هو الإقرار بالشهادتين فقط ؛ و إن ضمّ إليه الإقرار بالولاية فهو الإيمان ، فكان أعمّ ؛ و دليل القولين لايسع المقام لبيانه ؛ و المراد به هنا الأوّل ؛ لكونه أعلى لا غير .
1.الحجرات ، الآية ۱۳ .
2.بحارالأنوار ، ج۷۳ ، ص۵۴ ، ح۲۶ .