كاشف النكات في شرح الكلمات - صفحه 279

لايكون على وجه هو هو، بل على وجه ذو هو، فيكون التقدير هكذا: الناس ذوو نيام.
و الموت يحتمل الحقيقة و المجاز ؛ أمّا المعنى الحقيقي فظاهر ، و أمّا المعنى المجازي فهو عبارة عن إماتة النفس البهيميّة بقطعها عن العلائق و العوائق الجسمانيّة و إن كانت هذه الحالة بالنسبة إلى الإنسان عين الحياة ، و معناه المجازي هو المعتبر عند المتصوّفة ، عليهم ما عليهم .
و يستدلّون لهذا بقوله عليه الصلاة و السلام : موتوا قبل أن تموتوا ۱ ، و هذا المعنى الأخير في هذا المقام أنسب ، إذا أحطت خبرا بما تلوناه عليك .
فاعلم أنّ حاصل المعنى : أنّ كلّ فرد من أفراد الإنسان ـ إلاّ الأنبياء و الأئمـّة و العلماء و الفضلاء و الصلحاء ، و بالجملة من كان مؤيّدا بالنفوس القدسيّة ـ مادام حيّا فهو غافل عمّا عمل ، و ما اللّه بغافل عمّا يعملون ، فإذا ماتوا ، أي : طارت طيور أرواحهم عن قفص أجسادهم ، انتبهوا ، أي : عاينوا ما فعلوا ، أي : ثوابهم و عقابهم و وعدهم و وعيدهم ، و الدليل على هذا قوله تعالى جلّ جلاله : «إنّ الإنسان لفي خسر »۲.
أو أنّ كلّ فرد من أفراد هذه الحقيقة في غفلة باعتبار اشتغاله بشاغله ، فإذا ماتوا ، أي : فإذا أماتوا أنفسهم بمنعها عن الهوى و نهيها عمّا اشتهت ـ كما أشرنا إليه ـ انتبهوا ، أي : علموا مضرّة الأشياء الّتي ارتكبتها أنفسهم .
و حاصل هذا البيان ـ بناءً على الأخير من المعاني ـ هو : أن ليس للإنسان إلاّ حالتان :
حالة يكون فيها مطيعا لنفسه الأمّارة ، تابعا للشياطين الموكّلة بها المسوّلة لها اُمورها ، فويل لها فيها لما سوّلت لها ظنونها و مناها ، و تبّا لها لجرأتها على سيّدها

1.بحار الأنوار ، ج۷۲ ، ص۵۹ .

2.العصر ، الآية ۲ .

صفحه از 356
کلیدواژه