الكلمة السادسة ، قوله عليه السلام : من عرفَ نفسَه فقد عرفَ رَبَّه
كلمة «من» موصولة مبتدأ ، و إذا تضمّن المبتدأ معنى الشرط يدخل الفاء على الخبر ، كقولنا : «من عمل صالحا فله الجنّة» ، و احتمال كونها موصوفة واضح ، و الفرق في الجملة بعدها ، فإنّها على الأوّل لامحلّ لها من الإعراب على الأصحّ ، و على الثاني محلّها محلّها ، و في العائد سواء .
و «المعرفة» على ما قال بعض العارفين : تطلق على الثاني من الإدراكَينِ للشيء الواحد ، و الأرواح بعد تعلّقها بالأبدان و الأجساد الظلمانيّة ذهلت عن الحالة الّتي كانت لها حال تجرّدها من الإقرار بالربوبيّة و مراتب المعرفة ، كما تشهد به آية «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى »۱ فإنّها أقرّت بالربوبيّة في عالم الذرّ ، فإذا جعلت مرتاضة بالرياضات ، و صفّيت بمصفاة خلوص الطاعات ، عادت تلك الحالة إليها ، و علمت بذهولها عنها ، و أدركت ما كانت قد أدركته بعد نسيانها ، فيطلق على الإدراك الثاني الّذي تخلّل بينهما ذهول و غفلةٌ المعرفةُ .
و كلمة «قد» للتحقيق إذا دخلت على الماضي ، و للتقليل إذا دخلت على الغابر ۲ ،