الكلمة التاسعة ، قوله عليه السلام : لاتَنظُر إلى مَن قالَ ، و انظُر إلى ما قال
كلمة «لا» ناهية ، و الفرق بينها و بين «لا» النافية من وجوه :
الأوّل : أنّها عاملة ، و هي لا عاملة .
و الثاني : أنّها مختصّة بالأفعال ، و تلك أعمّ منها و من الأسماء .
و الثالث : أنّها تخرج مدخولها عن الخبريّة إلى الإنشائيّة ، و مدخول «لا» النافية باقٍ على ما كان عليه من الخبريّة قبل دخولها .
فإن قلت : لِمَ «لا» تعمل ناهيةً و لاتعمل نافيةً؟ قلت : قد ذكرنا أنّها مختصّة بالأفعال ، و العامل ما لم يختصّ بالمعمول لم يعمل .
و «النظر» أكثر ما يستعمل بمعنى الفكر ، و هنا في الأوّل بمعنى الرؤية ، و في الثاني بمعنى التعمّق فيه تنبّه ؛ و النهي نهي تأديب ، و الأمر للإرشاد .
و المعنى : أنّه ينبغي أن يلاحَظ القول مجرّدا عن اعتبار القائل و عدم اعتباره ، فكم عالمٍ عالم اختار زاوية الخمول و له كلام كالدرّ المنثور ، و آخر مع قلّة علمه أحبَّ الشهرة فاشتهر ، و له تكلّمات لا موضوع لها و لا محمول ، بل و إن بذل الجهد لايمكنه إلصاق بعضها ببعض ، و ليس عند كُمّل العلماء و بغاتهم في درجة القبول ؛ و العامّة يتلقّون الثاني بقبول أقواله و تصديق أفعاله ، و مدحه في المجالس باعتبار اعتباره ، و صرف ليله و نهاره في التردّد إلى باب الدور دون الأوّل ؛ لاعتزاله و زهده عن الاشتهار و بعده عنها بعدم المرور ، كما في زماننا هذا ، فنهى عليه السلام عمّا نهى ، و أرشد إلى ما أرشد ، سلام اللّه عليه أبد الأبد .
الكلمة العاشرة ، قوله عليه السلام : الجَزَع عندَ البلاءِ تَمامُ المِحنَة
«الجزع» كالفزع لفظا و معنى ، و هو الاضطراب الحاصل للإنسان في الشدائد و المحن ؛ و «عند» من الظروف اللازمة للإضافة ، متعلّق بما قدّرنا صفته باعتبار