و الثاني : لا بقاء له مع الانحراف عن الحقّ ، يعني : إنّ الظالم لايظفر بالمقصود ، و الحاصل أنّ المتّصف بالبغي محال له الظفر ، و ذوالظفر إذا بغى زال ظفره ، فالبغي السابق يمنع من حصوله ، و اللاحق من بقائه ، ففيه إيماء إلى ترك البغي ؛ لأنّه سبب سلب التسلّط على الأعداء ، و إذا سلب صار مغلوبا لهم ، و هو واضحٌ .
الكلمة الثانية عشر ، قوله عليه السلام : لا شَرَفَ مع سُوءِ الأَدَب
«الشرف» ـ محرّكة ـ ما يعدّه الرجل من مفاخره بالانتساب بالآباء و الأجداد ؛ و «الأدب» مراعاة الشرع مطلقا ، و من المتعارف ما يذمّه العقلاء بتركه ، و سوء الأدب كناية عن عدمه .
و المعنى : لا اعتناء بشرافة مَن لا أدب له ، أي : بجلالة نسبه و سيادته ؛ فإنّ من لايراعي الشرع لا كرامة له عند اللّه تعالى و إن كان سيّدا قرشيّا ، و من عمل بقوانينه فهو المكرّم عنده عز و جل و إن كان عبدا حبشيّا ، بدليل قوله تعالى : «وَ جَعَلْنَـكُمْ شُعُوبًا وَ قَبَآلـءِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَـلـكُمْ »۱.
و أيضا : من لا أدب له لايتّخذه الناس رأسا لهم و عزيزا لديهم ، فعليك بالأدب و إن كنت ذا المجد و النسب .
الكلمة الثالثة عشر ، قوله عليه السلام : لا مَحبّةَ مع مِراءٍ
«المحبّة» يُرادف معنى المودّة و يوافقه لفظا ؛ و «المِراء» بكسر أوّله و مدّة في آخره ، هو المجادلة في القول .
و معنى هذا الكلام الفصيح : أن لا بقاء للمحبّة مع المجادلة ؛ لأنّ كلّ واحد من طرفيها قاطع بكونه محقّا و كون مقابله مبطلاً ، مع أنّ الحقّ في الواقع مع أحدهما . و ممّا