كاشف النكات في شرح الكلمات - صفحه 302

و المعنى : أنّ من أراد الوصول إلى الدرجة العليا من الشرف فليؤمن ؛ فإنّ فيه فوز الدنيا و الآخرة . و فيه إيماء إلى أنّ المؤمن عزيز تحرم إهانته ، و يجب تعظيمه و أداء حقوقه و مراعاة الأدب لديه ، و في حديث : المسلم من سلم المسلمون من يده و لسانه ۱ .
و قال البيانيّون : هو كناية عن كفّ الأذى ، و تخصيصِ اليد و اللسان ؛ لأنّ أكثر الإيذاء يصدر منهما .
أقول : للإيمان علامات ، و أكملها هذا ؛ تدبّر .

الكلمة الثالثة و العشرون ، قوله عليه السلام : لا سَودد مع انتقامٍ

«السَودد» بفتح السين كالجورب : المرتبة و الجاه و الرئاسة ؛ و «الانتقام» هو المؤاخذة على مساوئ الأفعال .
و حاصله : أنّ من ارتطم في ورطة المنازعة و المخاصمة ، يذهب عنه الوقار و العزّة و البهاء ، الّتي هي أساس الجاه و الرئاسة ، فتزول ؛ لأنّ البيت إذا قلعت أساطينه لم يبق قائما ، فإن كنت مراعيا لبيت العزّة و الشرف فعليك بالتغافل عن الأفعال السيّئة الصادرة عن أعدائك ؛ فإنّه يُكمِل الوقار و التمكين ، و يؤول الأمر إلى حيث ينقاد لك الخصماء جميعا ، فحصلت الرئاسة التامّة لك .
و ممّا يدلّ على أنّ الإحسان إلى الخصم يورث المحبّة في قلبه ، قوله تعالى : «ادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُو عَدَ وَةٌ كَأَنَّهُ وَلِىٌّ حَمِيمٌ »۲.

1.بحارالأنوار ، ج۳۲ ، ص۹ ، ح۲ .

2.فصلّت ، الآية ۳۴ .

صفحه از 356
کلیدواژه