الثاني بيانيّة ؛ و «الشهوة» كمال الاشتهاء للشيء ، و لاتختصّ بمشتهىً ۱ دون آخر ؛ و «أذلّ» اسم تفضيل من الذلّة .
و التعبير عن مفاده : أنّ العبد عبدان ، عبد يسمّونه رقيقا و يشترونه ، و عبد شهوة لايشترى ، فأيّهما أهون على سيّده أو بين الناس؟ فبيّن عليه السلام ببيانه الفصيح أنّ الثاني أهون .
أقول : يمكن أن يستدلّ على أهونيّته بثلاثة أوجه :
الأوّل : أنّه لمّا كان سيّد الثاني أظلم ، فكان عبده أهون ، لأنّ منشأه القوى الشهوانيّة ، و محرّكها الشيطان اللعين ، و من الواضحات أنّ نهاية مقصوده ذلّة أفراد الإنسان .
و الثاني : أنّا بيّنّا أنّ هذا العبد لايشترى ، و إذا لم يُشتَرَ لم يكن داخلاً في الملك ، فلم يكن عزيزا ، فكان ذليلاً .
و الثالث : أنّ التحرير يتصوّر في عبد الرقّ دون الشهوة ، و هو أيضا سبب إهانته ، فإيّاك و أن يتسلّط الهوى عليك بحيث يكون حاكما عليك ؛ فإنّه لا خلاص لك ، و في الأدعية المأثورة عنهم عليهم السلام ما هو مضمونه أنّه : اللّهمّ لاتجعل هواي غالبا و عقلي مغلوبا . و بالمآل ينجرّ إلى عبادة الشيطان ، و قد نهى اللّه تعالى عنها بقوله عز و جل : «أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَـبَنِى ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَـنَ »۲ و العبادة بمعنى الإطاعة لغةً .
الكلمة الثالثة و الأربعون ، قوله عليه السلام : الحاسِدُ مُغتاظٌ على من لا ذَنبَ لَه
«الحاسد» اسم فاعل من الحسد و قد مضى شرحه ؛ و «المغتاظ» كالمختار وزنا و أصلاً ، اسم فاعل من الاغتياظ ، و هو شدّة ثوران القوّة الغضبيّة ، و الجارّ متعلّق به .
و المعنى : أنّ من كان من ذمائم صفاته الحسد ، فهو دائما مغضب على المحسود ، أعمّ من أن يكون له تقصير بالنسبة إليه أو لا .
1.مشتهى چيزى را گويند كه انسان آن را خواهد ، اعمّ از اينكه خوردنى يا پوشيدنى يا غير آن باشد .منه
2.يس ، الآية ۶۰ .